للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بطلب الحميل. ومقتضى الفقه في هذه المسألة ردها إلى أحكام الشروط، وهي منوّعة أنواعها كثيرة، ذكرناها في كتاب البيوع، وذكرنا أن من اشترط شرطا مباحا ولكنه لا منفعة له فيه ولا غرض يعتمده العقلاء فإن المذهب على قولين: هل يقضى له بشرطه لأن عليه وقعت المعاملة، أوْ لا يقضى له به لكونه كاللّغْو من الكلام المطَّرح؟ وقد قال في المدونة فيمن أكرى داره على أنه لا يسكنها المكتري إلا بعدد معلوم فأراد المكتري الزيادة في العدد فإنه يمكّن من ذلك إذا لم يلحق صاحبَ الدار منه ضرر وهذا من النوع الذي نحن فيه. وإن شرط مالًا يفيد لم يقض به في هذه المسألة التي ذكرناها في الأكرية. ولو كان في شرط التبدئة بالحميل منفعة لمشترطه لكونه يتعب في اقتضاء الغريم لوجب الوفاء بشرطه.

وإنما يحسن الخلاف إذا شرط التبدئة بالحميل، وكان تناول الحق من الغريم ومن الحميل على حد سواء في ارتفاع المشقة وسهولة الطلب.

ولو كان اشتراط التبدئة بالحميل إنما وقع ذلك من الغريم بأن يقول مشتري السلعة لبائعها: أعطيك فلانا حميلا بالثمن على أن تعبدًا بطلبه. وكان المشتري (١) في هذا الاشتراط غرض، مثل أن يعلم أن الحميل إذا وزن (٢) عنه الثمن آخره عليه، ولم يقبضه فما وزن (٢) عنه إلا بعد حين، لكان ذلك أيضًا شرطا مفيدا يقضى به.

وأما لو كان دفع الحميل الثمن رجع به في الحال على المشتري، وكان دفع الثمن للبائع والحميل على حد سواء لا منفعة فيه لجرى ذلك أيضًا على القولين في شرط مالًا يفيد.

ومما ينخرط في هذا المسلك ما قدمناه في الحمالة، فإن محمدًا بن عبد الحكم ذكر في كتابه في الحميل بالوجه إذا اشترط عليه المتحمّل له بوجه غريمه


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: للمشتري
(٢) هكذا في النسختين

<<  <  ج: ص:  >  >>