للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وظاهر ما قال أنه إذا كان الإقرار بالمعاملة بعد أن قال الكفيل: لا تعامله، أن الإقرار لا يعتدّ به.

وبالجملة فإن التحقيق في هذا اعتبار مقتضى اللفظ الواقع من الحميل.

فإن صرح: بأني لا أتحمل إلا بما يثبت بالبينة، فإنه لا يختلف في أنه لا يطلب بمجرد إقرار المدعي عليه. وإن صرح بالتزام الحمالة إذا ثبت الدين ببينة أو بإقرار المدعى عليه فلا يحسن الخلاف في هذا.

وإنما وقع الإشكال إذا أطلق: أنا حميل بما وجب لك على فلان، أو بما سيجب. فإن الوجوب هو الثبوت قال تعالى: {فَإِذا وَجَتَ جُنُوبُهَا} (١) يعني: سقطت عن جنوبها، وما ثبت ببينة فقد استقر. وما يعتبر فيه ما يقول المدعى عليه من جحود أو إقرار، فكأنه غير ثابت، فلا يحمل إطلاق هذا اللفظ على أن الحميل أراد أنه يتحمل بما يجب بالبينة أو بالإقرار.

أو يقال: فإن من أقر بحق عليه لآخر قضي عليه بما أقر به باتفاق. هنا يقضى عليه لو شهدت البينة به. فإذا كان الإقرار يوجب الغرامة كما توجبه (٢) البينة، وجب أن يتوجه الطلب على الحميل بمجرد الإقرار. هذا التحقيق فيه.

وإذا احتمل اللفظ وأدى الاجتهاد إلى الاستظهار باليمين على الحميل أنه ما أراد بالحمالة إلا أن يكون حميلا بما يثبت بالبينة دون الإقرار، فيستحلف على ذلك، ويبرأ من الغرامة بمجرد الإقرار، أو تكون قرينة حال أو عادة تدل على القصد بهذا اللفظ فيرجع إليها.

هذا مقتضى النظر عندي في هذه المسألة.

وإذا حملنا إطلاق القول: عاملْ فلاناً وأنا حميل لك بما تعامله به، على أن المراد بالعاملة بما يشبه أن يتبايع به الرجلان في مقتضى العادة كما قال غير


(١) الحج: ٣٦
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: توجبها

<<  <  ج: ص:  >  >>