للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن القاسم في المدونة: إذا عامله شيئًا فشيئا حتى إذا انتهى إلى ما يشبه سقط ما زاد عليه من معاملة تستأنف. وأما لو عامله دفعة واحدة بمال كثير لا يشبه أن يكون الحميل تحمل به، فإن بعض أشياخي رأى أن الغرامة ساقطة عن الحميل، لكونها معاملة واحدة وقعت على خلاف ما اشترطه الحميل فلم يلزمه منها شيء.

وعندي أن هذا قد تتخرج فيه طريقة أخرى، وهي أن يلزم الحميلَ من هذه المعاملة مقدارُ ما يشبه أن يعامل به، وتسقط عن الحميل المطالبة بما زاد على ذلك.

وقد أشرنا في كتاب الوكالة إلى هذا الأصل في مسألة إذا وكله على أن يبيع له ثوبه باثنى عشر، فباعه بعشرة، فإن. الآمر لا يلزمه أن يبيعه بعشرة. فلو قال المشتري للآمر: أنا أتحمل لك بدرهمين بحال ما أمرت به. فهل يسقط مقال الآمر أم لا؟ في ذلك قولان. وكأن سبب الخلاف أن من تعدى من جنس

إلى جنس اتضح كونه متعديا، وأن ما عقده على الموكل لا يلزم، وأن من عقد على الجنس المأمور به وعلى العدد اتضح لزوم ذلك للآمر، ومن عقد على الجنس وقصّر في العدد أو زاد: فهل يكون ذلك بهذه الزيادة في الجنس أو النقصان كالمتعدي إلى جنس آخر فلا يلزم ذلك، أو لا يكون ذلك كالتعدي إلى جنس آخر، فإذا أكمل عدد الجنس صار العقد الواقع من الوكيل هو العقد الذي أذن فيه رب السلعة. فكذلك مسألتنا إذا أمره أن يعامله بما يشبه، وكان الذي يشبه مائة دينار، فعامله صفقة واحدة بمائتي دينار، فهل تكون المائة الزائدة أخرجت المائة المأذون فيها عن جنسها، فصار ذلك كله غير مأذون فيه، أو لم تخرجها عن جنسها، فإذا سقطت المائة الزائدة على ما يشبه بقيت المائة الأخرى هي نفس المائة المأذون فيها.

وقد ذكر محمَّد بن عبد الحكم فيمن قال لرجل: بيع من فلان دارك بألف درهم، وأنا ضامن لك الثمن فباع منه الدار بألف وخمس مائة درهم فذكر أن في

<<  <  ج: ص:  >  >>