للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أشياخنا: الفتوى بترك الاعتداد بما يقوله الموثقون في وثائقهم: شهد على فلان وفلان بما نسب إليهما في هذا الكتاب طوعا في صحة عقولهما وجواز أمورهما. وأن ذلك لا يكون ترشيدا لمن وصف بِإنه جائز الأمر لكونه لم يقصد الشهود إلى الشهادة ولو قصدوا إلى الشهادة بذلك لم يحل لهم أن يشهدوا حتى يكونوا اختبروا من وصف بذلك وعلموا رشده. ولهذا يقول الموثقون إذا أرادوا ذلك: وعلى علم بكون فلان وفلان رشيدين لا يولىَّ عليهما. على حسب ما اعتادوه من العبارة في هذا المعنى.

لكن بعض الاشياخ إنما يرى هذا تلفيفا من الموثقين إذا أدرجوه في آخر الوثائق، جريا على ما اعتادوه.

وأما إذا وقع في أحكام القضاة فوصفوا رجلا بأنه جائز الأمر، فإنه لم تجرِ عادة بأنهم يصفونه بذلك تلففا، بل قصدًا إلى ثبوت ذلك الوصف عندهم.

فإذا عقد ضمان الدرك لتخليص عين السلعة عند إلاستحقاق قصدا إليه، وقد قلنا: إن ذلك لا يجوز، فلو وقع الاستحقاق فهل تلزم الكفيل مطالبة أم لا؟ فيه قولان:

أسقط مالك رضي الله عنه في المدونة عن الكفيل غرامة شيء لأجل هذا الضمان، ورآه لا يُثبت عليه غرامة.

وحكى في المدونة عن غير ابن القاسم أن الكفيل تلزمه غرامة الأقلّ من الثمن الذي دفعه المشتري للبائع، أو قيمة السلعة التي أخذت من يديه بالاستحقاق، وضمن له هذا الكفيل تخليصها من مستحقها. وتكون القيمة يوم الاستحقاق. يريد يوم تنزع السلعة من يد مشتريها بحكم الاستحقاق.

فمالك رضي الله عنه نظر إلى هذا الضمان من مقتضى لفظه، فأسقط حكمه، واللفظ إنما هو صريح في ضمان تخليص عين السلعة، وذلك لا يقدر عليه، كما بيّناه، وما لا يقدر عليه لا يُلزَمه الإنسان، والثمن لم يذكر في هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>