للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الضمان فيطالب به الكفيل، ولا يطالب أحد بغرامة ما لم يلتزم غرامة (١) فلهذا لم يوجب على هذا الكفيل غرامة. وأما قول الغير في المدونة: إن الكفيل تجب عليه غرامة الأقل من الثمن الذي دفعه المشتري، ثقة بضمان هذا الضامن لتخليص السلعة، أو قيمتها يوم الاستحقاق إن كانت قيمتها حينئذ أقل من الثمن الذي دفعه المشتري للبائع، فإنما ذلك منه اطّراح بحكم (٢) اللفظ والتفات إلى المعنى.

ومعلوم أن المعنى والقصد بأخذ الحميل التوثق فيما يدفعه الإنسان ويضمن له دركه، فلولا ثقة مشتري هذه السلعة بقول هذا الكفيل: أنا ضامن تخليصها، لم يدفع إلى البائع من الثمن الذي دفع إليه فيها، فكأنه أتلفه الكفيل عليه بسبب هذا الضمان، فتلزمه غرامته. إلا أن تكون قيمة السلعة حين انتزاعها من يد مشتريها أقل من الثمن الذي دفع فيها فلا يلزم الكفيل إلا غرامة هذه القيمة ويرجع المشتري بتمام ماوزن من الثمن على البائع الذي قبضه منه، لأن الكفيل يقول للمشتري - أرأيت لو لم تُستحق هذه السلعة من يديك: هل يلحقك ضرر لأجل ضماني أم لا؟ فلم يجد المشتري مدفعا لقوله، لأنه إن غبن في الثمن فالغبن لم يكن من جهة هذا الكفيل، وإنما كان من جهة جهل المشتري بالقيم، فدرك جهله عليه، فإنما أضر ضمانه المشتري أخذ السلعة من يديه فلا يكون عليه أيضا أكثر مما خرج من يديه من الثمن. فهذا وجه قول الغير.

فإذا غرم الكفيل القيمة، وهي أقل من الثمن، فإن حق المشتري من إكمال ما دفع من الثمن لا يسقط عمّن قبضه منه، وهو البائع، وإنما يسقط عن الكفيل لأجل ما ذكرناه من كونه لم يضمنه.

وبعض أشياخي يشير إلى أن هذا الخلاف إنما يتصور إذا كان الكفيل ومشتري السلعة جاهلين بحكم هذا الضمان، فيكون جهل المشتري المضمون له الدرك قد أعان على تلف مال المشتري من جهة التغرير به غلطا منه. وأما إذا


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: غرامته
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: لحكم

<<  <  ج: ص:  >  >>