للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيكون قد أخذ العشرة دنانير باطلًا، وأكل المال بالباطل نهى الشرع عنه .. أو يكون يغرم ما تحمل به، ولكنه يرجع به على من تحمل عنه متى أيسر، فيكون ذلك سلفًا جر منفعة لأنه يسلف من تحمل عنه هذه المائة دينار، ويرجع بها عليه متى أيسر، وقد حصل معه زيادة على ما [سلف] وهي العشرة دنانير التي قبضها ثمنها (١) للحمالة فيكون ذلك سلفآ بزيادة، وذلك ممنوع. فإذا وقر ذلك فسخ، ورد. الحميل ما أخذه. ويبقى النظر في إلزامه الحمالة مع رد العوض الذي أخذ عنها، فإن كان العوض بذله من له الحق فلا مطالبة على الحميل، لأنه قد ردّ على ما تحمل عنه ما أعطاه عوض الحمالة. فإذا بطل العوض بطل المعوض عنه، وصاحب الحق هو الذي جنى على نفسه البيعَ بغير حمالة إن كان لما أعطى من تحمل له العشرة دنانير وهو يعلم أن ذلك لا يجوز.

وأمّا إن كان دافع العشرة دنانير من عليه الحق، ومن له الحق غير عالم بذلك، فإن الحمالة لازمة لأن المشتري الذي عليه الثمن لم يبع منه البائع السلعة إلا لثقته بالحميل، فإذا عامل المشتري الحامل معاملة فاسدة ولم يعلم بها البائع، فلا يسقط حق البائع في الحمالة، لكون الحميك غرّه بحمالته حتى أخذ سلعته من يده، فمن حقه أن يطالبه بثمن سلعته التي تلفها (٢) عليه بحمالته.

هذا إذا انفرد بعلم ذلك الباذلُ لعوض الحمالة.

فأما إن علمًا جميعًا: مَنْ له الحق ومن عليه الحق، بأن الحمالة وقعت بجُعْل، فكان لمن له الحق المتحمَّل به مشاركة وسبب في تحمل الحميل، فإن الحمالة ساقطة، لكون من له الحق علم أن الشرع يسقطها ويمنع منها، وله سبب في ذلك وسعي فيه. وأما إن لم يكن إلا مجرد علمه، دون أن يكون له سبب في ذلك، ففيه قولان: أحدهما: سقوط الحمالة، والمنع من مطالبة الحميل بما تحمل به، وهو مذهب ابن القاسم. والثاني: إن ذلك لا يُسقط عن


(١) هكذا في النسختين، والصواب: ثمنًا.
(٢) هكدا في النسختين، ولعل الصواب: أتلفها.

<<  <  ج: ص:  >  >>