للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحميل المطالبة بما تحمل به وهو مذهب ابن المواز.

وسبب هذا الخلاف ما قد يعرض من إشكال في هذا السؤال، وذلك أن من له الحق إذا كان عالمًا بأن الحميل لم يتحمل إلا بعوض أخذه، ويعلم أن ذلك لا يجوز في الشرع، فكأنه باع بغير حمالة، لا (١) مطالبة له على الحميل.

أو يقال: فإن الحميل قد علم أن العوض الذي تحمك من أجله، يؤخذ من يديه، ومع هذا التزم الحمالة بالثمن، فكأنه تحمل بغير عوض أخذه، والحمالة بغير عوض تلزم، فَمَن التفت إلى أن من (٢) علم من له الحق بفساد الحمالة إسقاط لحقه في القيام به أسقط المطالبة عن الحميل. ومن التفت إلى أن (٣) علم بأن العوض الذي أخذه يؤخذ منه ومع هذا التزم الحمالة بالثمن، أثبت عليه المطالبة بالثمن.

وأما إن جهلًا جميعًا الحكم، فقد قال أصبغ: إن الحمالة ساقطة. وعلى مقتضى ما حكيناه عن ابن المواز: إن الحمالة ثابتة.

وسبب الخلاف في هذا أيضًا يلاحظ ما عللنا به إذا علمًا جميعًا. وذلك أن من له الحق إذا تيع بهذه الحمالة وهي لا تجوز، جهلًا منه بأنها لا تجوز، فكانه الجاني على نفسه إتلاف ماله، فلا. مطالبة له به على الحميل. والحميل أيضًا لما التزم الحمالة بعوض، وذلك لا يجوز، فكأنه بجهله أتلف مال من تحمل له غلطًا منه عليه، والخطأ والعمد في أموال الناس سواء. فهذا الحكم في هذه المسألة إذا علمًا جميعًا، أو علم أحدهما وخفي عن الآخر ما صنع باذل المجهل (٤).

وإذا تقرر أن الحمالة بعوض يأخذه الحميل ممنوعة، لأجل ما ذكرناه،


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: فَلَا.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب حذف (من).
(٣) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: أن [مَن] علم.
(٤) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: الجعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>