للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المتحمل له أو علماه جميعًا على ما بسطنا القول فيه فيما تقدم.

ولو كان بذل الحميل في هذه المسألة رهنًا أخذه لكان ذلك أيضًا ممنوعًا، لأنه سلف جر منفعة، والسلف هو التأخير إلى الأجل الثاني، والمنفعة إعطاء الرهن في الأجل الأول، وقد كان ذلك غير لازم لمن عليه الدين، ولولا هذه المنفعة ما تطوع من له الدين بالتأخير. وإن وقع هذا ففي الموازية أن قابض الرهن يكون أحق به من الغرماء. بخلاف الحمالة فإنها ساقطة.

وأراه إنما فرق بينهما لكون حق المرتهن به تعلق بعين، وقد قبضها وحازها، فصار ذلك الفوت في المعاملة الفاسدة، (والحميل لم يجزه المتحمل له، ولا حقه فيه) (١) متعلق بعين استحقها عليه. وقد وقع في الموازية قولًا مطلقًا: إن الرهن والحميل جميعًا ساقطان، ولا يكون من بيده الرهن أحق به وقد قبضه. وهذا يبسط فيه القول في كتاب الرهون إن شاء الله تعالى في أحكام الرهان الفاسدة.

ولو كان الدين قد حك فأعطاه حميلًا على أن آخره به، فلا يخلو من عليه الدين أن يكون موسرًا به، ولو طلبه من له الدين لحكم له بجميعه، فإن ذلك الآمر كذلك جائز إعطاء الحميل والرهن بشرط التأخير إلى أجل آخر، ويقدر في هذا أنه لما ملك قبض جميعه صار كأنه قبضه ثم استأنف سلفًا إلى أجل بحميل أو رهن، فإن ذلك لا يتصور فيه وجه يوجب المنع. وهذا مذهب مالك وابن أبي سلمة وغيرهما.

وأما لو كان الغريم عليه ديون، أو تحاصّ من له الدين الذي سئل في التأخير بحميل لو (٢) يستوف إلا بعض دينه فأخره بشرط حميل، فإن هذا لا يجوز، لما ذكرناه من كون التأخير كابتداء سلف، واختصاص هذا الغريم دون الغرماء برهن يستوفي منه جميع دينه، أو بحميل، وقد كان لا يتمكن إلا


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: لم يحزه ... ولا حق له فيه.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: لم.

<<  <  ج: ص:  >  >>