للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أسلفه إياها لأجل ما أعطاه من التوثق بالمائة الأولى بالرهن أو الحميل. فكذلك لو قال له قبل أجل المائة الأولى: أسلفني مائة دينار على أن أعطيك حميلًا أو رهنًا بالمائتين جميعًا إلى أجل المائة الأولى أو إلى أبعد مدني ذلك الأجل، فإن جميع ذلك يمنع لما صورنا فيه من سلف جر منفعة. ولكن إن وقع ذلك ففي الموازية أن الحمالة ساقطة في المائتين جميعًا، المتقدمة والمتأخرة. وأمّا الرهن فذكر أن بعض أصحابنا قال: يكون مفضوضًا، نصفه للمائة الأولى يكون بها رهنًا، ونصف المائة (١) الثانية، فيسقط كونه رهنًا لسقوط السلف والقضاء برده إلى صاحبه معجلًا، لأن السلف الذي يجرّ نفعًا يفسخ إذا وقع. فاختار ابن المواز أن جميع الرهن يكون بالمائة الأولى، وهو أيضًا المذكور في المدونة.

وهذا يبسط من كتاب الرهن إن شاء الله تعالى، وقد نبهنا ها هنا أن الرهن آكد من الحمالة في تعلق الحق بالحميل أو الرهن الفاسد لأجل ما قدمناه من التعليل. فذكر في الموازية ثبوت الرهن، والاختلاف في صفة ثبوته وإسقاط الحمالة، قال: لأن كل حمالة وقعت في معاملةٍ حرام، فإن الحمالة تبطل، وقد قدمنا نحن فيما سلف في إلزام الحميل المتحمل بالثمن في بيع فاسد هل تسقط عنه الحمالة أو يجب عليه الأقل من الثمن أو القيمة، وبَيّنّا وجه ذلك.

فإذا تحقق وجه الحمالة في هذه المسائل فلو حلّ الأجل ودفع الحميل رهنًا لمِؤخر بالدين إلى أجل آخر، فإن الرهن إن كان ملكًا للغريم، وهو قادر على أن يستبد بثمنه، فيأخذ منه جميع ذلك، كان ذلك جائزًا. ولو كان الرهن ملكًا لغيره استعاره من رجل ليرهنه من له الدين، جرى ذلك على حكم الحمالة، صحيحِها وفاسدِها، ويصير مالك الرهن كأنه حميل بالدين.

ولو كان الراهن اكترى ليرهن، لم يصح كراؤه، بخلاف أن يكتري ليلبس، أجلًا معلومًا، إن كان ثوبًا، لأجل أن هذا المكتري ليرهن إذا أجل الكراء أجلًا لم يصح الرهن، لأن الأجل. قد ينقضي قبل وصول الدين إلى


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: للمائة

<<  <  ج: ص:  >  >>