للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذا فإنه قد تعذر على التبسط في هذا الجانب فقنعت بالوقوف في حدود ما حفظه لنا ابن بسام. ثم بما جاء في القصيدة التي أنشدها أبو العلاء المعري بالمعرة عندما مر عليه في طريقه إلى مصر.

لقد أجاد ابن بسام وأحسن التعبير، وهو الأديب الرقيق، الذي يأسره النظم الرفيع والمعاني البعيدة المأخذ. والتصوير الدقيق. لقد وفق حين تحدث عن الجانب الأدبي عند القاضي عبد الوهاب. فقال: وقد وجدت له شعرًا معانيه أجلى من الصبح، وألفاظه أحلى من الظفر بالنجح (١) ... واستقر الفقيه أبو محمَّد بمصر فحمل لواءها وملأ أرضها وسماءها. واستتبع سادتها وكبراءها، وتناهت إليه الغرائب وانثالت في يديه الرغائب ... وقد أخرجت من شعره ما يروق العيون، ويفوق المنثور والموزون (٢).

أنشد في بغداد روائع من المقطعات وهو يتشوق إليها:

أتبكي على بغداد وهي قريبة ... فكيف إذا ما ازددت عنها غدًا بعدا

لعمرك ما فارقت بغداد عن قلى ... لها أن وجدنا للفراق بها بدا

إذا ذكرت بغداد نفسي تقطعت ... من الشوق أو كادت تموت بها وجدا

كفى حزنًا إن رمت لم أستطع لها ... وداعًا ولم أحدث لشاطئها عهدا

وقال:

أنا في الغربة أبكي ... ما بكت عين غريب

لم أكن يوم خروجي ... من بلادي بالمصيب

عجبًا لي ولتركي ... وطنًا فيه حبيبي

وقال:

خليلي في بغداد هل أنتما ليا ... على العهد مثلي أم غدا العهد باليا

وهل أنا مذكور بخير لديكِم ... إذا ما جرى ذكرٌ بمن كان نائيا


(١) الذخيرة ص ٥١٥.
(٢) نفس المصدر ص ٥١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>