للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل ذَرَفَتْ عند النوى مقلتاكما ... عليّ كما أُمسي وأُصبح باكيا

وهل فيكما من إن تنزّل منزلا ... "أنيقًا وبستانًا من النَّوْر حاليًا"

"أجدَّ لنا طيب المكان وحسنُهُ ... مُنى فتمنينا فكنت الأمانيا" (١)

كما بيَ عن شوق شديد إليكما ... كأنّ على الأحشاء منه مكاويا

على أدمع منهَلةٍ فتأمّلا ... كتابي تبنْ آثارها في كتابيا

ولا تيأسا أن يجمع الله بيننا ... كأحسن ما كنا عليه تصافيا

"فقد يجمع الله الشتيتين بعد ما ... يظنان كلَّ الظنّ أن لا تلاقيا" (٢)

فدى لك يا بغداد وأهلا ومنزلا ... ولم أر فيها مثلَ دجلةَ واديًا

ولا مثلَ أهليها أرقَّ شمائلًا ... وأعذبَ ألفاظًا وأحلى معانيا

وكم من قائل لو كان ودُّكَ صادقا ... لبغداد لم ترحل، فكان جوابيا

"يقيم الرجال الأغنياء بأرضهم ... وترمي النوى بالمعسرين المراميا" (٣)

"وما هجروا أوطانهم عن ملالة ... ولكن حذارًا من شمات الأعاديا"

"إذا زرتُ أرضًا بعد طول اجتنابها ... فقدت حبيبي والديارُ كما هيا" (٤)

وقال:

قطعت الأرض في شهري ربيع ... إلى مصر وعدت إلى العراق

فقال لي الحبيب وقد رآني ... سبوقا للمضمرة العتاق

ركبتَ على البراق؟ فقلت كلا ... ولكن ركبت على اشتياقي

شعر يجسم حنينه للعراق بصور شتى ويحييها بلون من الحوار وبخيال يبلغ مبلغ الحقيقة. فهو لم يدخل بغداد بعد أن فارقها ويتصور أنه يمشي في


(١) يضمن ويجري بعض التحوير في قول الشاعر:
ولما نزلنا منزلا طله الندى ... أنيقأوبستانًا من النور حاليا
أجدَّ لنا طيب المكان وحسنه .................... (البيت)
(٢) مضمن أيضًا من شعر المجنون.
(٣) الأبيات الثلاثة الأخيرة مضمنة من شعر إياس ابن القائف (الحماسية رقم: ٤٠٦ في شرح المرزوقي) وإن لم يرد البيت الأوسط في الحماسية المذكورة.
(٤) الذخيرة ٥٢٧ - ٥٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>