للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا الحكم حتى يرجع الرهن إلى دافعه، أو يمكنه المرتهن منه فيتركه على جهة الوديعة عنده.

وكذلك إذا سأل رجل رجلًا في أن يسلفه دنانير ودفع إليه رهنًا بها فقبضه منه قبل أن يدفع الدنانير فإنه ضامن لأنه إنما أخذه على حكم الرهبان وحكمها الضمان فيما يغاب عليه.

وكذلك لو سقط الدين بالهبة من المرتهن للراهن، وزعم المرتهن الواهب للدين أن الرهن ضاع بعد ذلك، فإنه لا يبرأ من ضمانه، وعليه قيمته إذا كان مما يغاب عليه. لكن أشهب ذكر في هذا أن المرتهن إذا طلبه الراهن الموهوب له الدين بقيمة الرهن فله الرجوع فيما وهب بمقدار قيمة الرهن خاصة، ولو كان الدين يزيد على قيمة الرهن لم يرجح به المرتهن الواهب، وذلك لأنه إذا وهب الدين وردّ عيْنَ الرهن لم يخسره (١) سوى شيء واحد وهو الدين. فإذا ضاع الرهن وغرم قيمته خسر خسارتين: الدينَ وقيمةَ الرهن. ومعلوم من جهة العادة أنه لو علم أنه إذا خسر الدين خسر شيئًا آخر لم يهب الدينَ، فصارت هبة (٢) كالمشترط فيها إني أهبك الدينَ على ألا أخسر سواه وإن طلبتني بغرامة الرهن رجعتُ في هبتي.

وأعلم أن الرهن يصحّ وإن كان موقوفًا على يدي عدل تراضيًا به ويكون من دفع المال لأجله كما لو قبضه لنفسه. ولم يخالف في ذلك فيما علمُت إلا ابن أبي ليلى فإنه منع من ذلك. وما أراه تعلق في ذلك إلا بقوله تعالى {ولم تجدوا كاتبًا فرهان مقبوضة} (٣) وهذا وإن لم يذكر من هو القابض للرهن فسياق الخطاب يقتضي عنده أن القابض هو من له الدين يقبض الرهن توثقًا بحقه كما يستشهد الشهودَ توثقًا بحقه. ويردّ عليه بأن هذا الخطاب ليس فيه


(١) هكذا ولعل الصواب: بخَسره.
(٢) هكذا ولعل الصواب: هبته.
(٣) البقرة: ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>