للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعين ذلك الرهن، وكيف بهذا وقد لا يفضل فضلة من هذا الرهن عن حق الأول، ولا يكون للثاني تعلق فيه، وإذا تقرر أن المرتهن الثاني لا يضمنه، بلا خلاف عندنا، فهل يضمن الأوّلُ الذي في يده الرهن جميعَه أو إنما يضمن من قيمته مقدار مالَه من الدين لأن ما زاد على ذلك أقِرّ في يديه على جهة الأمانة، والمرتهن غير ضامن؟ فيه قولان: ذهب ابن القاسم إلى أنه لا يضمن من هذا الرهن إلا مقدار دينه، وما فضل يكون لصاحب الرهن. وقال أشهب بل يضمن الرهن كله.

وسبب الخلاف في هذا أن الرهن أخذه أوّلًا على جهة ضمانه كله، ويمكن أن تَخول أسواقُه فلا يحصل إلا مقدار حق المرتهن الأول، فيصير الرهن كله محبوسًا عند الأول بحق الأول خاصة، ولا يكون فيه حق للثاني. وإذا أمكن أن يتعلق دينه بجميعه حتى لا تفضل منه فضلة فقد أخذه على الضمان في أوّل ما قبضه، فيبقى الضمان عليه في جميعه عند أشهب، ويرى ابن القاسم أنه إذا كان فيه فضلة عن حق الأوّل، وقد رضي الأول والراهن والمرتهن الثاني. يتعلّق (١) الحق بهذه الفضلة صار ما زاد، من قيمة الرهن على دين (٢)، في يديه على جهة الأمانة لِرِضى الراهن والمرتهن ينقل (١) هذه الفضلة عن حكم الرهبان إلى حكم الأمانة.

وإذا أنجزت أحكام الضمان في الرهبان ففى أي يوم تعتبر قيمة الرهن المضمون؟ فيه قولان: قيل: يوم قبضه؛ لأنه تلك الساعة أخذه على الضمان فكان الاعتبار يوم ثبوت أصل الضمان، ولا يلتفت إلى ما بعده. وقيل: بل تعتبر قيمته يوم الضياع, لأنه قبل ذلك موجود، والموجود لا يضمن، إنما يضمن ما يغاب عليه للتهمة في إخفائه، وإذا كان موجودًا لم ينظر أنه أخفاه، ألا ترى أنه لو قامت بينة على ضياعه سقط، عند ابن القاسم، عنه الضمان لانتفاء


(١) هكذا ولعل الصواب: يتعلّق - بِنَقْل.
(٢) هكذا ولعل الصواب: الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>