للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حبسه حتى يعطَى ثَمنه فإن الغلة للمشتري لكونه قد ملك العين المبيعة بالشراء، وكذلك ملْك الراهن لعين الرهن يجب أن يكون نماؤه له. وبهذا احتج ابن القصار وغيره. وقد كنا نحن قدمنا في كتاب البيوع أن الغلة الحادثة في المبيع المحبوس بالثمن، حكى القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب وغيره، أنها للمشتري، وأشار إلى الاتفاق على ذلك وهكذا (١) يقتضي ما ذكرناه عن ابن القصار في هذه المسألة، وذكرنا أن بعض أشياخنا كان يرى أن ذلك جار على القولين في ضمان المحبوسة بالثمن، فمن قال: إن ضمانها من البائع وجب أن لكون الغلة له، ومن قال: إن ضمانها من المشتري، وجب أن لكون الغلة للمشتري. فهذا الذي احتج به ابن القصار قد كنا بسطنا القول فيه، وأشرنا إلى تخريج الخلاف فيه.

على أن ابن القصار عقّب قوله هذا بأن الحديث الوارد فيه " الخراج بالضمان" إنما هو محمول على ملك الإنسان، ويضمنه ضمان الملك، والرهن لا يضمن إذا كان مما لا يغاب عليه، أو مما يغاب عليه وقامت البينة على ضياعه على إحدى الروايتين عن مالك.

وأما ابن حنبل فإنه إن تعلق في كون الرهن ملكًا للمرتهن بقوله عليه السلام "الرهن مركوب ومحلوب" (٢) وظن أن المراد بهذا المفعول الذي لم بسم فاعله أنه محمول على الراهن فدل أن هذا لم يصرَّح به في الحديث، والذي يكون له اليَد لم يُذكر، فيمكن أن يكون المراد مركوب ومحلوب للراهن، وهذا هو الظاهر، لما قدمنا من شهادة الأصول لبهون النماء تبعًا للنامي في الملك.

وقد تعلق من رأى أن الغلة متابعة للإنفاق بقوله عليه السلام في بعض الأحاديث التي رواها أبو هريرة رضي الله عنه "الظهر يركب ويشرب الدَرّ" أو كمن (٣) قال. وهذا لو ثبت حمل على أنه قضيّة في عين، المراد به أن الرهن رفعه المرتهن للحاكم لما لم يجد نفقة عليه فأمره بالإنفاق ويأخذ ذلك من الغلة. وهذا يضطر


(١) هكذا ولعل الصواب: هذا.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) هكذا ولعل الصواب: كما.

<<  <  ج: ص:  >  >>