للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليه ما قدمناه من الأحاديث الدالة على صحة ما قلناه، وكون أصل الشريعة شهد بصحة ما ذهبنا إليه في كون النماء تابعًا في الملك للنامي الذي كان عنه.

والجواب عن السؤال الثاني أن يقال: اختلف الناس في دخول النماء الحادث، بعد عقد الرهن، في يد المرتهن، وهو متميز عن النامي، هل يدخل في الرهن تبعًا لما نما عنه، ويكون منه، أم لا؟

فذهب أبو حنيفة إلى أنه يدخل في الرهن، قولًا على الإطلاق سواء كان النماء الحادث من جنس الرهن، كالولد وفراخ النحل، ومن غير جنسه كالدَّر والصوف وغلة الرباع.

وذهب الشافعي إلى أنه لا يدخل في الرهن على الإطلاق، سواء كان من جنس الرهن كالولد أو من غير جنسه مما عددناه.

وذهب مالك إلى التفصيل، ورأى أن ما كان من جنس الرهن دخل في الرهن كالولد، وما لم يكن من جنسه لم يدخل في الرهن كالثمر والصوف واللبن مما عددناه.

فأمّا الشافعي فإنه يعتمد على أن الرهن مجمع على كونه على ملك الراهن، ومن ملك شيئًا فإنه لا يسقط حقه من التصرف فيه إلا باختياره ورضاه، وهو لم يرض إلا بحبس عين الرهن، وقطع حقه في التصرف فيه، إلى أن يفديه، ولم يرَ ذلك فيما يكون عن الرهن من دَرّ أو ثمر أو غلة: كما لو باع سلعة لم يلزمه أن يبيع أخرى بغير اختياره. واستناد هذا إلى هذه الأصول استدلال واضح يردّ به على أبي حنيفة. ويستند مالك إليه أيضًا لكونه خالف الشافعي في الولد فأدخله في الرهن لآجل كون الأصول أيضًا تقتضي إجراء حكم الأمهات على أولادها، ألا ترى أن الولد تابع لأمه في الحرية وإن كان أبوه عبدًا، وفي الرق إذا كانت مملوكة وإن كان أبوه حرًا وطى بنكاح. وهكذا من فيه عقد من عقود الحرية، كالمكاتبة والمدبّرة والمعتقة إلى أجل، فإن أولاد من ذكرناه ينسحب عليهم حكم أمهاتهم في الحرية والرق وما ذاك إلا لكون الولد

<<  <  ج: ص:  >  >>