للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي باع منه السلعة ما فضل من قيمتها عن دين الأوّل. فقال مالك: أَعَلِم الآخَر بدين الأوّل؟ فقيل له: لم يعلم. فقال: يُباع الرهن ويُجعل منه للمرتهن الأوّل دينُه، ويأخذ الثاني ما فضل عن ذلك. وأطلق هذا الجواب من غير تفصيل لأجناس الرهبان وأجناس الدين. وفصل أشهب الجواب، وقال: إن كان الرهن مما يكال أو يوزن وديْن المرتهن الأوّل مثلُه في الجوْدة والدناءة والجنسية، فإنه يُعجَّل حق الأول على حسب ما حكيناه عن مالك.

وأما إن كان دين الأوّل مما يكال أو يوزن، ولكنه مخالف بجنس (١) ثمن الرهن فإن الحق لا يُعجَّل للأوّل، بل يوقف له رهنًا. وكذلك لو كان الدينُ دراهمَ، وبيع الرهن بدنانيرَ، لم يُعجَّل الحق أيضًا للأول. وأما إن كان الرهن بيع بعَرْض فإن دين الأوّل لا يعجل ولو كان عرضًا مثل العرض الذي بيع به الدين.

وزاد سحنون في الجواب الذي أطلقه مالك تفصيلًا آخر، فأشار إلى اعتبار دين الأوّل هل هو مِمّا إذا عُجِّل له أخبِر على قبول ذلك، فيكون تفصيل أشهب صحيحًا، أو يكون دين الأوّل مما لا يُجبر على قبوله إِنْ عجز (٢) له قيلَ أجَله كعرض من بيع أو طعام من بيع، فإنه يشترط في هذا رضي المرتهن الأول لقبول ماعُجِّل له من حقه.

وذكر ابن عبدوس عن سحنون كلامًا فهم منه عن سحنون أن الرهن، إذا كان يباع بثمن بخلاف دين المرتهن الأول، فإن الرهن لا يباع بل يبقى موقوفًا إلى أن يحل أجل الأول بجواز (٣) أن يكون ثمن الرهن إذا بقي موقوفًا رهنًا بحق الأول إلى أن يحل أجل الأول فإنه قد تنقص قيمته حتى لا يمكن المرتهنَ الأول أن يستوفي جميع دينه منه، وهذا لا يرتفع الضرر عنه إلا بأن يمنع من بيع الرهن. وقد ذكرنا عن مالك أنه سأل السائل له عن علم الأحق (٤) بدين الأوّل أم


(١) هكذا ولعل الصواب: لجنْس.
(٢) هكذا ولعل الصواب: عُجِّل.
(٣) هكذا ولعل الصواب: لِجَواز.
(٤) هكذا في النسختين. ولعل الصواب: على الآخر. راجع كلام مالك أعلاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>