للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأول، ولكن اشترط ابن القاسم في هذا أن يكون إذا عجل دين الأوّل إذا بيع الرهن وفضلت فضلة إلى المرتهن الآخر، وأما إذا لم تفضل له فضلة بقي دين الأول إلى أجله ولم يُبَع الرهن إذ لَا فائدة للمرتهن الآخر في بيعه، وما لا فائدة له فيه فليس من حقه أن يدعو إليه.

وإن كان ثمق الرهن مخالفًا لدين الأول فإن إطلاق جواب مالك يقتضي تعجيل دين الأوّل، وأشهب لا يوجب تعجيله بل يوجب إيقاف رهنٍ (١) بحقّ الأول. وسحنون، على ما حكيناه عن ابن عبدوس أنه فهمه عنه، بأن الحق لا يعجل، والرهن لا يباع للعلة التي ذكرنا.

فصار إذا بجع الرهن بثمن بخلاف الدين فيه ثلاثة أقوال: تعجيل الحق إن حملْتَ جواب مالك على عمومه. وترْكُ التعجيل ووضع رهن (١) بحق الأول، والمنع من البيع لما يُخشى من انتقاص قيمة ثمن الرهن عن الرهن، ويلحَق الأول في ذلك ضرر يمنع من استيفاء دينه.

وقد أشار بعض الأشياخ إلى اضطراب ما وقع في كتاب ابن المواز، مما نقلناه عنه ها هنا، وقال: إنه فرق بين أن يكون الرهن بقمح والدين بقمح، أو يباع بعوض والدين عرض، والقمح إذا كان مبيعًا فلا يجبر مشتريه على قبول تعجيله كالعروض. وقد فرق في الموازية بين أن يباع بعرْض أو بقمح. ولا يصح هذا إلا أن يكون بيعه بقمح كان الدين قمحًا من قرضه، وإذا بيع بعرض كان الدين عرضًا من بيع. وهذه التفرقة كأنها تنافي ظاهر هذا الكلام. ثم عقب قوله إذا بيع الرهن بعرض، وأشار إلى أن بيعه بعرض يكون تعدّيًا. فلهذا جعل هذه الزوائد فيها إشكال من وجوه وهو الذي تعقبه من كون البيع للرهن تعدّيًا إذا بيع بعوض، فإن ابن القاسم يقول: إنه تعدٍّ، كما اعترض به هذا المعترض، ذكر ذلك فيمن وكّله السلطان على بيع رهن فباعه بعرض.

وقال أشهب إن باعه بعرض وهو من جنس الدين الذي بيع الرهن بسَبَبِه،


(١) هكذا, ولعل الصواب: إيقافه رهنًا، ووضعه رهنًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>