للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثرها من بياض وحمرة، وجب أن تكون صلاة (١) العشاء عند مغيب الشفقال في هو البياض. وإن كان دلوك الشمس زوالها وغسق الليل الغروب (٢) على ما كنا حكيناه فلا حجة في الآية لأحد المذهبين. وأما الخبر فهو ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى العشاء لمغيب القمر لليلة الثالثة (٣) فزعم أصحابنا أن ذلك إنما يكون قبل مغيب البياض وبعد أن غابت العمرة. وزعم الآخرون أنه إنما يكون بعد مغيب البياض. وقد أدخل النسائي هذا الحديث في كتابه على أنه حجة لاعتبار مغيب البياض ولكنه ضعف الحديث.

والجواب عن السؤال الخامس: أن يقال: إنما استحب تأخيرها في مساجد الجماعات رفقًا بالناس، وقد استحب ابن حبيب تأخيرها في زمن الشتاء قليلًا لطول الليل. وفي ليالي رمضان أكثر من ذلك قليلًا توسعة على الناس في إفطارهم. وحكى العراقيون من أصحابنا عن مالك أنه يرى أن آخر وقتها أفضل.

وفي المدونة إنكار تأخيرها لآخر وقتها. ومحمله على أن ذلك مما يضر بالناس فنهى عنه لإضراره.

وبعض أشياخنا اختار التعجيل إن اجتمع الناس، وانتظارهم إن أبطوا لما روي في البخاري أنه - صلى الله عليه وسلم - كان ينتظرهم إن أبطوا (٤). وقد قال أشهب أما الفذ والجماعة الذين يتفق رأيهم على التأخير. فالاستحباب التأخير إلى مغيب البياض. فإن أخروا إلى ثلث الليل فواسع. وهذا يقتضي أن الاستحباب عنده التأخير، وإنما يعدل عنه لاستحباب التعجيل لنفي الضرر على الناس. وكأنه اعتمد (٥) في هذا على ما روي أن الناس رقدوا ثم استيقظوا ثم رقدوا ثم استيقظوا. فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لولا إن أشق على أمتي لأمرتهم أن يصلوها


(١) صلاة -ح-.
(٢) المغرب في -ح -ق-.
(٣) رواه النسائي عن النعمان بن بشير ج ١ ص ٢٦٤.
(٤) روى البخاري في المواقيت عن جابر بن عبد الله وأنه كان يصلي العشاء أحيانًا وأحيانًا إذا رآهم اجتمعوا عجل وإذا رآهم أبطوا أخر البخاري: مواقيت ج ٢ ص ١٨. ورواه مسلم: إكمال الإكمال ج ٢ ص ٢٨١. كما رواه أحمد.
(٥) اعتمد ساقطة -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>