للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على أنه أراد الفجر الأول. ومما يعتمد عليه أصحابنا في ترجيح تأويلاتهم هذه عمل أهل المدينة واستمرارهم على الأذان للصبح قبل الفجر. وهم أعلم الناس بما كان عليه الأمر في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: اختلف المذهب في مقدار الوقت الذي يقدم فيه الأذان للصبح. فقيل: السدس الآخر من الليل. وقيل النصف الآخر. وقال الوقار: إذا صليت العتمة، وإن كان من أول الليل. وفي هذا القول إفراط. إذ لا فائدة في الأذان (١) حينئذٍ. وإذا أذن للصبح أول الليل، ووقت العتمة لم يذهب، أمكن أن يظن أنه (٢) لصلاة العتمة. فيختلط (٣) الأمر على السامع ولا يحصل في الأذان فائدة. ولهذا المعنى اعتبر ابن حبيب خروج وقت صلاة العتمة، وحد بالنصف الآخر من الليل لأنه يرتفع بذلك اختلاط الأمر. ومن مذهب ابن حبيب أن آخر وقت (٤) العتمة نصف الليل. فلهذا حد به. وأما المعتبرون السدس الآخر من الليل، فإن الأصل عندهم في الأذان ألا يكون لصلاة حتى يدخل وقتها. فلما كانت صلاة الصبح الأفضل إيقاعها أول الوقت، والليل وقت منام الناس، اقتضى مجموع هذا تقدمة الأذان ليوقظ النائمين فيتأهبون للصلاة في أول وقتها. فينبغي ألا يباح من التقدمة إلا القدر الذي تمس الحاجة إليه. وهذا المقدار عندهم يكفي فيه سدس الليل لاغتسال الجنب وتأهب غيره. فلا معنى للزيادة على قدر الحاجة.

والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: اختلف في ثلاثة أحوال هل تمنع الأذان أم لا؟ أحدها أذان الجنب. فوجه إباحته أنه ذكر من الأذكار، فجاز للجنب فعله قياسًا على التسبيح وغيره من الأذكار. ووجه النهي عنه أنه عمل يقدم على الصلاة لأجلها فأمر فيه بالطهارة كما أمر بذلك في الصلاة. وهذا ينتقض باتفاقهم على جواز الأذان لمن كان على غير وضوء، وهو ممنوع من


(١) أذان -و-.
(٢) أن الأذان -و-.
(٣) فيختلف -و-.
(٤) صلاة العتمة - و - ق -.

<<  <  ج: ص:  >  >>