للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجواب عن السؤال الثامن: أن يقال: إذا قرأ القارئ آية سجدة بعد ما سجد، فإنه يسجد عندنا، وعند الشافعي. وقال أبو حنيفة لا يسجد استحسانًا.

فلنا أنه ممن يخاطب بالسجود وقد وُجد سبب السجود فشرع له السجود كما لو أعادها في مجلس إخر. واحتج لأبي حنيفة بأنه اجتمع سبب سجدتين في مجلس واحد فأجزأه سجود واحد، كما لو لم يسجد. وأجيب عن هذا بأنه إذا سجد فعل الموجب عن سبب السجود، وإذا لم يسجد فإنه لم يفعل الموجب فاكتفي بسجود واحد، ألا ترى أن الحدود إذا لم تقع وقد تكرر السبب فإنه يكتفى بحد واحد، وإذا تكرر السبب بعد استيفاء الحد كرر الحد. وهذا الذي ذكرته من تكرر السجود هو أصل المذهب عندي، إلا أن يكون القارئ ممن يتكرر ذلك عليه غالبًا كالمعلم والمتعلم، فهذا فيه قولان في المذهب إذا كان المعلم والمتعلم بالغَيْن، فقال ابن القاسم يسجدانها أول مرة ولا إعادة عليهما في ترديدها. وقال غيره لا سجود عليهما ولا في أول مرة. فكان ابن القاسم رأى أن المشقة إنما تحصل بالتكرار وإنما يحصل التكرير بعد أول مرة. ورأى غيره أنهما لما كانا منتصبَيْن لشغل يتكرر سقط السجود، في أوله وآخره. ولو كان المعيد للقراءة ليس بمعلم ولا متعلم، وإنما اتفق إعادتها بأن قرأ حزبه ثم أعاد اتفاقًا أو لغرض ما، فإن الأظهر عندي أن يسجد على أصل المذهب كما بدأت بذكره. وإن كان بعض المتأخرين رأيته قد وجه سقوط السجود على المعلم والمتعلم، بان قال إذا تكرر على القارئ والمستمع السجود سقط. كما لا يلزم الجنب المزيد للنوم إعادة الوضوء إذا أحدث. لأن ذلك يتكرر على القارئ. فأشار في هذا الكلام إلى سقوط السجدة مع التكرار من غير اعتبار حال القارئ. ولو أن معلمًا قرأ عليه متعلم حرفُ افيه سجدة فسجد، ثم أتى آخر فقرأ حزبًا فيه سجدة أخرى لسجدَا جميعًا، العالم والمتعلم. لأن قارئ جميع القرآن يسجد جميع سجداته. ولا يسقط عنه بتكرير السجود. هذا اختيار بعض أشياخي وهو قد يتضح وجهه على قول ابن القاسم الذاهب إلى أن المعلم والمتعلم يسجدان السجدة أول مرة ويسقط عنهما السجود إذا كرراها. لأن هذا المعلم السامع جميع سجدات القرآن من آحاد بعددها لم يتكرر عليه سجود

<<  <  ج: ص:  >  >>