للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سجدة واحدة، بل هو في كل سجدة لم يسجد لها إلا مرة. وأما على قول من قال من أصحابنا أن المعلم والمتعلم لا يسجدان، ولا في أول مرة، لما كانا منصوبين لأمر يتكرر، فإن سجود المعلم ها هنا فيه نظر على أصلهم؛ لأنهم إنما راعوا مشقة التكرر فاسقطوا المبدأ والمُعاد. والتكرر ها هنا حاصل للمعلم. فإن قيل فقارىء القرآن كله تتكرر عليه السجدات ولا يسقط عنه السجود لمشقة التكرار. قيل قد أشرنا فيما تقدم إلى أن المنتصب للتعليم والمُتعَلِم هما بصدد من يتكرر ذلك عليهما على مدى الأيام فخففت المشقة لهما بخلاف قارئ القرآن لغرض غير غرضهما. فهذا مما يمكن أن يذهب إليه من ذهب إلى هذا القول الثاني الذي أشرنا إليه. وهكنا اختار شيخنا أيضًا إذا تكررت السجدة بعينها على المعلم أن المكررين لها إن كانوا جماعة، واحدًا بعد واحد سجد كل واحد من المتعلمين ولا يسجد المعلم إلا مع أولهم لحصول التكرر فيه دونهم وإن كان المكرر لها عليه رجل واحد لسقط السجود مع التكرر *في ثاني مرة فما بعدها عنهما جميعًا لتساويهما جميعًا فيه* (١).

والجواب عن السؤال التاسع: أن يقال: كره في المدونة أن يقتصر على قراءة السجدة مجردة مما قبلها ومما بعدها. واختلف الأشياخ في تأويل قوله هذا، فحمله بعضهم على أن المراد به نفس السجدة دون جملة الآية التي هي منها. وحمله بعضهم على أن المراد به جملة آية السجدة وهذا الأشبه. لأنه لا فرق بين قراءة كلمة السجدة أو جملة الآية التي هي منها. لأنه إذا قرأ جملة الآية ليسجد صار كمن قرأ نفس الكلمة، المتعلق السجود بها. فكان هؤلاء الذين حملوا كراهته (٢) لقراءة آية قصدًا إلى السجود رأوا أن ذلك خلاف ما مضى به العمل، وأن الشرع إنما جاء بسجود من قرأ جملة اتفق فيها ذكر سجدة. فاما من قرأ آية ليسجد فلم يأت الشرع به فكره. لأنه بخروجه عن الشرع يضاهي من سجد في غير موضع السجود. وإذا كره هؤلاء الاقتصار على قراءة الآية فالاقتصار على قراءة كلمة السجدة ينبغي أن يكون أقرب إلى الكراهة.


(١) ما بين النجمين ممحو -و-.
(٢) كراهيته - قث.

<<  <  ج: ص:  >  >>