للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجواب عن السؤال العاشر: أن يقال: أما سجود التلاوة فلا يسلم منه عندنا. وأما التكبير له خافضًا ورافعًا فاختلف قول مالك فيه. فأثبته مرة وضعفه مرة أخرى إلا أن يكون في صلاة فلم يختلف قوله في إثباته. وبمثل قولنا في إثبات التكبير خافضًا ورافعًا ونفي السلام (١). قال أبو حنيفة في إحدى الروايتين عنه. وعنه رواية أخرى أنه يكبر للرفع دون الخفض. وبمثل قولنا أيضًا في إثبات التكبير خافضًا ورافعًا. قال ابن حنبل إلا أنه أثبت السلام. وبمثل قولنا في إثبات التكبير خافضًا ورافعًا. قال الشافعي إلا أنه زاد تكبيرة أخرى للافتتاح وأثبت السلام في أحد قوليه دون تشهد.

فأما إثبات التكبير في الصلاة فإنه في عبادة مشروع في سجودها التكبير فجرى الأمر في سجودها الفرض والنفل مجرى واحدًا. وأما إثباته في أحد القولين في غير الصلاة فتشبيهًا بسجود الصلاة. ولأنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ القرآن فلما مرّ بالسجدة كبّر وسجد (٢). وأما نفيه فلان التكبير إنما شرع في الصلاة وسجود التلاوة بمجرده ليس بالصلاة المعهودة. وأما إثبات الشافعي تكبيرة الافتتاح فقياسًا على صلاة مبتدأة، وابتداؤها إنما يكون بتكبيرة الافتتاح. وقد قال بعض الأشياخ إنما اختلف قول مالك في التكبير ولم يختلف قوله في نفي التسليم لأن التسليم إنما يكون فيما كبر فيه للافتتاح قائمًا. ألا ترى أن صلاة الجنازة لما كان تكبير افتتاحها قائمًا شرع فيهآ السلام. فعورض هؤلاء بسجود السهو لما كان السلام ثابتًا فيه وتكبيره جالسًا، فأجاب بعضهم بأنه تبع لصلاة شرع فيها السلام، فشرع في التابع لها. وأجاب بعضهم بأن العقد للصلاة آكد من الحل؛ لأنها يخرج منها بالحدث وغيره كما حكيناه عن أبي حنيفة. فلأجل الاختلاف في افتقار الصلاة إلى التسليم ضعف حتى انحطت رتبته عن التكبير.

والجواب عن السؤال الحادي عشر: أن يقال: من شرط سجود التلاوة عندنا أن يكون القارئ طاهرًا ويستقبل بسجوده القبلة. ويجب عندي أن يراعى


(١) ونفى السلام = ساقط -و-.
(٢) رواه أبو داود: نصب الراية ج ٢ ص ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>