فيه ما يراعى في سجود الصلاة من طهارة النجس وستر العورة. لأنه جزء من أجزاء الصلاة فروعي فيه ما يراعى في كلها. وقد قال ابن المسيب الحائض تومىء برأسها وتقول اللهم لك سجدت. وروي ذلك عن عثمان رضي الله عنه.
وما قدمناه من القياس على الصلاة يرد هذا المذهب، وكذلك يرد فعل الأسود بن يزيد وعلقمة وعطاء ومجاهد أن الماشي إذا قرأ آية السجدة يومئ إلى السجود. ولأن الماشي يمكنه السجود على الأرض فلم يجز له الإيماء كسجود الصلاة.
والجواب عن السؤال الثاني عشر: أن يقال: أما إذا اصفرت الشمس بعد العصر أو أسفرت بعد الصبح فإن سجود التلاوة حينئذٍ ينهى عنه حتى تغرب الشمس أو تطلع. وأما قبل ذلك وقد صليت العصر أو الصبح ففي المذهب ثلاثة أقوال. قال مالك السجدة صلاة فلا تصلى حينئذٍ. وقال ابن القاسم بل يسجد حينئذٍ وفرق مطرت وابن الماجشون بين ما بعد العصر وما بعد الصبح فأجازاها بعد الصبح ولم يجيزاها بعد العصر، وهكذا فرقا في ركعتي الطواف وأجرياها مجرى سجود التلاوة. فاما النهي فقد أشار إلى توجيهه مالك حيث قال إن السجود صلاة. وإذا ثبت أنه صلاة كما قال منع بعد العصر وبعد الصبح، كما تمنع النوافل حينئذٍ. وأما الإجازة فلأن سجود التلاوة سنة والسنن تصلى حينئذٍ.
وقد كنا قدمنا في الكلام في قضاء الفوائت جملًا في أحكام الأوقات المنهي عن الصلاة فيها. وسنبسط القول فيها فيما بعد إن شاء الله عَزَّ وَجَلَّ. وعند بسط القول فيها يتضح حكم الصلاة حينئذٍ. وأما ابن الماجشون وصاحبه فرأيا أن النهي بعد العصر آكد منه بعد الصبح فلهذا فرقا بينهما.
والجواب عن السؤال الثالث عشر: أن يقال: اختلف الناس في سجود الشكر فالمشهور عن مالك كراهته وإنكاره. وحكى ابن القصار عنه الجواز وبه قال ابن حبيب. وأما الشافعي فحكى عنه اين القصار الجواز. وذكر أصحابه أنه سنة. وهو مذهب أبي بكر وعلي وكعب بن مالك. وأما أبو حنيفة فذكر ابن القصار عنه أنه يراه سنة في قول وفي قول آخر يجيزه. وحكى غير ابن القصار عنه أنه يكرهه في أحد قوليه. فأما المنكرون له فيتعلقون بأنه - صلى الله عليه وسلم -