للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لينصرف الناس إلى منازلهم قبل الظلمة الشديدة، وفي التأخير للتنفل وقوع فيها. وأما الوتر فإنها سنة مؤكدة لم تدع الضرورة إلى تقدمتها قبل وقتها كما دعت في العشاء فلهذا أخرت إلى مغيب الشفق.

والجواب عن السؤال الثامن: أن يقال: لا يمنع قرب الدار من المسجد من الجمع. قال مالك يجمع الناس وإن كان فيهم قريب الدار إذا خرج منها دخل المسجد من ساعته. وقال يحيى بن عمر وغيره يجمع معهم المعتكف في المسجد. قال أبو محمَّد عبد الحق لو كان المعتكف إمامهم لم يكن له عندي أن يجمع بهم، ولكن يستخلف من يصلي بهم ويصلي هو معهم. لأن المعتكف إذا كان مأمومًا جمع معهم لكونه تبعًا للجماعة. فإذا كان المعتكف إمامًا لم يجمع بهم لأنه لا يكون حينئذٍ تبعًا لأحد.

وتنازع الأشياخ في المرأة تجاور المسجد وتصلي أبدًا مع الناس وهي في منزلها هل لها أن تجمع مع أهل المسجد إذا جمعوا؟ فمنع أبو عمران من جَمْعها لكون المطر غير مانع لها من الصلاة بالمكان الذي اعتادت أن تصلي فيه مع الجماعة. فصارت كمن حاول الجمع لغير عذر. وهذا التعليل وإن طرد في المعتكف والبائت في المسجد لغربته فإنهم يجمعون لمعنى آخر غير موجود في المرأة. إذ من كان في المسجد لا يقدر على مخالفة الإِمام بأن يجلس ولا يصلي معه. وخالفه غيره من الأشياخ ورأى أن هذه المرأة تجمع كما يجمع المعتكف.

لأن الجمع وتقدمة الصلاة عن وقتها الاختياري إنما جاز لتحصيل فضل الجماعة. وهذا المعنى يحيى الجمع للمرأة كما أباحه للمعتكف.

وهل يباح الجمع إذا حدث العذر بعد صلاة المغرب؟ في ذلك قولان.

روى أصبغ عن ابن القاسم في القوم يصلون المغرب فهم يتنفلون لها إذ وقع المطر. فقال لا ينبغي أن يعجلوا العشاء إذا فرغوا من المغرب قبل أن يقع المطر. قال ابن أبي زيد وأعرف فيها قولًا آخر لا أعرف قائله. قال ابن أبي زمنين. قال أصبغ إن فعلوا ذلك فلا بأس بذلك إن شاء الله تعالى. قال بعض المتأخرين من ذهب إلى أن الجمع يكون أول الوقت أجاز الجمع ها هنا إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>