للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في أيامه غير حصن هرثمة (١) وهو المعروف الآن عندنا بالقصر الكبير. وقد اضطرب العلماء في الشبه. إذا حصل من ناحية القرار ولم يحصل من ناحية الصور والأشكال، فقال مالك في سماع ابن وهب. وقد سئل عن الحصون التي على السواحل: إنما هي على أهل القرى فإن كانوا أهل قرية جمّعوا. وأما غير أهك القرية فلا أدري. وقال ابن وهب في قوم على الساحل مقيمين الرباط وليسوا في حصن ولا قرية وهم فيها جماعة إن كانوا بموضع إقامة فلهم أن يجمعوا. وقال زيد بن بشير إذا كان الحصين على أكثر من فرسخ وفيه خمسون رجلًا فأكثر جمّعوا.

وقال مالك في أهل الخصوص وهم جماعة واتصال الخصوص كاتصال البيوت: أنهم يجفعون الجمعة، وإن لم يكن لهم وال. ولم يقل إذا كان لهم مسجد. وسنتكلم على أحكام المسجد. وقال مالك في العتيبة ليس على أهل العمود جمعة وكأنه رآهم ليسوا بمكان قرار. وقال بعض أشياخي: واختلف في أهل الخصوص والقرى التي ليست شبيهة بالمدن.

واختلف قول الشافعي في أهل الخيام إذا كانوا مستوطنين لا ينتجعون الخصب على قولين. أحدهما: تجب عليهم الجمعة لأنها موضع إقامة واستيطان. والثاني لا تجب عليهم لأنها ليست بأبنية.

فأنت ترى هذا الاضطراب وحصول الشبه من ناحية القرار وفقده من ناحية الأبنية المشتبهة بالموضع الأصلي. وقد قدمنا تردد (٢) بعض المتأخرين القول في فقدان الشبه من ناحية نية الإقامة المؤبدة. وقد قال مالك في قرية أو ثغر يرابط فيه قوم ستة أشهر، فإن كان فيها بيوت متصلة وسوق فليجمع أهلها، وإلا فلا.

وأشار ها هنا إلى ترك اعتبار الاستيطان المؤبد وهو يضاهي ما نحن فيه من فقدان الشبه من جانب وحصوله من جانب. وإن كان هذا أحق بالشبه من ذلك، لحصوله الآن من كل الجهات. وما يحدث من الرحلة فقد لا يؤئر في حصول الشبه الآن. فإذا وضح مذهبنا في صفة المكان الذي تقام فيه الجمعة أن الاعتبار


(١) قصر هرشمة -و-.
(٢) وقد قدمنا ترديد - قل.

<<  <  ج: ص:  >  >>