للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من شرط ما تصلى فيه الجمعة البنيان المخصوص على صفة المساجد. والبراح الذي لا بنيان فيه أو فيه ما لا يقع عليه اسم مسجد لا تصح الجمعة فيه. لأن الشروط ها هنا متعلقة بالأسماء. ألا ترى أن الإِمام حكم له بحكم الجماعة في سائر الصلوات ولا يكتفي في الجمعة بما حكم له من ذلك حتى يوجد الإسم الإِمام إذا أقام الصلاة بمسجده وصلّى ولم يأته أحد *فإن لصلاته حكم* (١) الجماعة. والجمعة لم يُكتف فيها بمجرد هذا الحكم، وكون الجماعة مقدرة بل لا بد من كون الجماعة موجودة. فيمكن أن يقال إن الجماعة لو وجدت حسًا وهما اثنان أو ثلاثة لم يكتف بهم في إقامة الجمعة. وإن كانت الجماعة قد حصلت حسًا ووجودًا. إلا أن الجماعة في هذه الصلاة تقدر بمقدار ولا ينتهي الحكم في القوة (٢) إلا أن يقدر بعدد أو مقدار. فلهذا لا يكتفي الإِمام في الجمعة بحكم الجماعة عن وجودهم. وسائر الصلوات لا تقدر فيها الجماعة.

فإذا حصل حكم الجماعة على الجملة أكتفي بهم. اللهم إلا أن يقول كان يجب أن يكون للإمام في الجمعة حكم العدد المشترط (٣) في الجمعة. وهذا يفتقر إلى دليل. والغرض إظهار طريقة ثانية يمكن أن يعلل بها فينبغي أن يعتمد في هذا الذي قاله من اشتراط البنيان المخصوص على أن الأصل فرض الظهر فلا يزال عنه إلا بدليل. وقد علم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - والأئمة بعده إنما أقاموا الجمعة في أبنية مخصوصة فيجب أن لا يتعدى مسلكهم في ذلك. قال هذا المتأخر وللجامع صفة تزيد على كونه مسجدًا، فكل جامع مسجد وليس كل مسجد جامعًا. وإنما وصف بالجامع لاجتماع الناس فيه لصلاة الجمعة فلا تقام في غيره حتى يحكم له بذلك على التأبيد دون أن ينتقل ذلك إليه في يوم بعينه. ولو أصاب الناس ما يمنعهم من الجامع يومًا ما، لم تصح لهم جمعة في غيره من المساجد ذلك اليوم إلا أن يحكم له الإِمام بحكم الجامع، وينقل أحكام الجامع الأول إليه فيبطل


(١) هو -و-
(٢) في انفراده -و-.
(٣) المشروط.

<<  <  ج: ص:  >  >>