للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويحتمل معنى الأمر بالسكوت على سبيل الإشارة، ويحتمل معنى الامتناع عن الإقرار (١) على سبيل التشبيه، أي كأنهم (٢) أخذوا على أفواههم متناكبين عن الإيمان والإقرار (٣)، ويحتمل منعهم الرسل عن النطق على سبيل التشبيه، فكأنهم وضعوا أيديهم على أفواه الرسل وأسكتوهم، ويحتمل معنى ردهم الشيء القريب.

{مِنْ ذُنُوبِكُمْ} أي شيئًا أو كثيرًا أو الكل من ذنوبكم (٤)، {وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} أي: صرف العذاب العاجل عنهم وتعميرهم إلى الموت المعهود، {بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} آية ملجئة التي توجب (٥) العلم مشاهدة.

{إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} سلموا للإنصاف في الجدال بما استدركوا الغلط في سائر دعاويهم بإثبات المشيئة لله في تفضيل بعض البشر على بعض بالخصال الحميدة، لإفحامهم في الجدال لعجزهم عن إنكار المشاهدة.

{خَافَ مَقَامِي} أي مقامه بين يدي يوم العرض الأكبر، ولقد صدق وعده لرسله، وللخائفين مقامه، والخائفين وعيده أولياء رسول الله والخلفاء والأئمة.

{وَاسْتَفْتَحُوا} أي الأنبياء -عليهم السلام- (٦) كقوله: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا} [الأعراف: ٨٩]، وقوله: {مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} [البقرة: ٢١٤]، وقول موسى: {رَبَّنَا


(١) في الأصل و"أ": (الأفراد).
(٢) في "ب": (فكأنهم).
(٣) في الأصل و"أ": (الأفراد).
(٤) قال أبو عبيدة: "من" زائدة كقوله تعالى: {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (٤٧)} [الحَاقَّة: ٤٧] ومنه قول أبي ذؤيب الهذلي:
جَزَيْتُك ضِعْفَ الحُبِّ لما شكوتِهِ ... وما إن جزاكِ الضِّعْفَ من أَحَدٍ قبلي
[زاد المسير (٢/ ٥٠٧)].
(٥) في الأصل: (بوبت).
(٦) قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة، رواه الطبري في تفسيره (١٣/ ٦١٦ - ٦١٧)، وعبد الرزاق في تفسيره (١/ ٣٤١)، واستفتاحهم هو استنصارهم على قومهم في دعوتهم إلى الحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>