للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعمى عائق عند أبي حنيفة، ومستطيع الإحجاج كمستطيع (١) الحج حين المرض والحبس فيما تواترت فيها الأخبار، {وَمَنْ كَفَرَ} أي: امتنع التزام هذا الفرض وقبوله، {فَإِنَّ اللَّهَ} جواب الشرط إذ الكافر داخل في جملة العالمين.

وإنما قال: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} للإعراض عن خطابهم وإنما وقع الإنكار على وجه السؤال للتعجيز (٢) عن إقامة العذر كقوله: {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الانفطار: ٦]، {وَاللَّهُ شَهِيدٌ} أعظم توبيخ وتهديد.

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ} نزلت في اليهود كانوا يغرون بين الأنصار من الأوس والخزرج بتذكير ما بينهم من الوقائع لينسخلوا من الدين بالضغائن والعصبية، عن زيد بن أسلم (٣)، وفي اليهود والنصارى جميعًا وإنكارهم نعت نبينا -عليه السلام- (٤) عن الحسن (٥)، {تَبْغُونَهَا} تبغون لها، كقوله: {يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ} [التوبة: ٤٧]، والهاء عائدة إلى السبيل، والسبيل يذكر ويؤنث. و (العِوج) - بكسر العين-: الزيغ في الرأي، والعَوج - بالفتح-: الميل فيما يكون منتصبًا (٦)، {وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ} بما في كتابكم،


(١) في "أ" والأصل: (مستطيع).
(٢) في الأصل: (للتعجب).
(٣) رواية زيد بن أسلم أخرجها الطبري في تفسيره (٥/ ٦٢٧)؛ وابن أبي حاتم في تفسيره (٣٨٧٨)؛ وعزاه السيوطي في الدر (٢/ ٥٧) إلى ابن المنذر وأبي الشيخ ولفظه عن زيد بن أسلم قال: مَرَّ شأسُ بن قيس وكان شيخًا عَسَا -أي كبر سِنُّهُ- في الجاهلية، عظيم الكفر، شديد الضِّغنِ على المسلمين، شديد الحسد لهم على نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأوس والخزرج في مجلسٍ قد جمعهم يتحدثون فيه ... " إلى آخر سبب النزول هذا، وقد سردها الطبري بطولها.
(٤) (السلام) ليست في "ي".
(٥) رواه عن الحسن ابن جرير في تفسيره (٥/ ٦٣٠)؛ وابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٧١٧).
(٦) في نصب "عوجًا" وجهان:
الأول: منصوب على أنه مفعول به، هذا إذا كان "تبغون" بمعنى تطلبون - قاله الزجاج والطبري.
والثاني: أنه حال من فاعل "يبغونها"، هذا إذا كان "تبغون" بمعنى تتعدون، والمعنى تبغون عليها أو فيها -قال الزجاج: كأنه قال: تبغونها ضالين.
[معاني القرآن (١/ ٤٥٧)، الطبري (٥/ ٦٢٦)؛ الدر المصون (٣/ ٣٢٦)].

<<  <  ج: ص:  >  >>