للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(اتباع رضوان الله): اتباع ما يرضاه من الأفعال كالأمانة، والذي باء بسخط من الله هو الغال ونحوه، و (السخط): إرادة الخذلان والشر.

معنى {هُمْ دَرَجَاتٌ} إن المتبعين رضوان الله والذين باؤوا [بغضب من الله] (١) بمسخط منه ليسوا في درجة واحدة ولكنهم ذوو درجات ومدارج، وأما أهل الجنة فأمرهم معروف وقد قال -عليه السلام-: "إن أهل الجنة ليتراؤون أهل عليين كما ترون الكوكب الدري في أفق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما" (٢)، وأما أهل النار فإن لهم دركات لا محالة بعضها أسفل من بعض، ولا تكون بعضها أسفل إلا وبعضها أعلى، فالأعلى درجة بمقابله الأسفل.

{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ} اتصالها بما قبلها من حيث ذكر المتن في قوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عِمرَان: ١٥٩] ووجه المنة ها هنا أنه لو كان من غير العرب لمنعتهم النخوة العربية عن الإيمان به، ولما فهموا كلامه ولا نالوا به شرفًا ومجدًا، فأرسل إليهم رسولًا من أنفسهم عرفوه وامتحنوه وسمّوه أمينًا قبل دعوته ليزيدهم أسباب الإيمان, وإن أجرينا على العموم فهو من أنفسنا لأنه آدمي مثلنا من ذرية نوح تمكننا متابعته في هديه وسمته ولا تنفر عنه طباعنا {وَإِنْ كَانُوا} ما كانوا إلا في ضلالة كقوله: {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [الشعراء: ١٨٦] واللام مكان الاستثناء (٣)، وقيل:


(١) ما بين [...] من "ب".
(٢) رواه الترمذي (٣٦٠٨)؛ وابن ماجه (٩٦)؛ والإمام أحمد (٣/ ٢٦ - ٢٧، ٧٢، ٩٣، ٩٨)؛ وفي الفضائل (١٦٢، ١٦٤، ١٦٦) وابنه في زوائد الفضائل (١٦٨، ٢١٢، ٥٦٨، ٥٦٩، ٦٤٦، ٦٥٠، ٦٦٧)؛ وعبد بن حميد (٨٨٧)؛ وابن أبي عاصم في السنة (٤١٦)؛ وابن الجعد (٢٠١١، ٢٠٢٨)؛ والطبراني في الكبير (٢٠٦٥) والأوسط (٧٣٤٠)؛ والإسماعيلي في المعجم (٢/ ٦٠٢ - ٦٠٣)؛ وأبو نعيم في الحلية (٧/ ٢٥٠).
(٣) قوله: اللام مكان الاستثناء. هذا إذا جعلنا إنْ: بمعنى النفي، فيكون التقدير: ما نظنك إلا من الكاذبين. إلا أن الزمخشري ومكيًا جعلاها مخففة وقدرا لها اسمًا محذوفًا، والتقدير: وإن الشأن ... ، وذهب سيبويه إلى أنها مخففة واسمها مضمر، والتقدير: وإنهم كانوا. =

<<  <  ج: ص:  >  >>