للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غير المنهي، كقولك (١): لأرينك ها هنا ولا يرينك أحد، والحزن لكفر الكافرين طاعة ما لم يجاوز الحد، فالنهي ها هنا عن مجاوزة الحد في الحزن دون الحزن القليل كقوله: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} [فاطر: ٨]، وقوله: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} [الكهف: ٦].

و (مسارعتهم في الكفر): مسابقتهم فيما بينهم، {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ} بيان لغير النبي - عليه السلام -، إذ هو كان عالمًا بذلك، قيل: هذا البيان بإذن الله -عَزَّ وَجَلَّ- كقوله: {وَمَا ظَلَمُونَا} [البقرة: ٥٧] ثم بين موجب مسارعتهم في الكفر هو إرادته سبحانه وتعالى أن لا يجعل لهم نصيبًا في الآخرة.

{الَّذِينَ كَفَرُوا} في محل الرفع بإسناد الفعل إليه إذا قرأت بالياء، وفي محل النصب إذا قرأت بالتاء (٢)، {أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ} مفعول قائم مقام مفعولين إذا قرأت بالياء (٣) كقولك: لا يظنن زيد أنه منطلق، وهو المفعول


(١) في "ب": (كقوله).
(٢) قرأ الجمهور {وَلَا يَحْسَبَنَّ} [آل عمران: ١٧٨] بخطاب الغيبة وهو الياء، وقرأ حمزة بالتاء. وعلى هاتين القراءتين يتم تخريج إعراب "الذين كفروا"؛ فأما قراءة الجمهور فتكون "الذين كفروا" في محل رفع و"أنَّ" وما اتصل بها سادٌّ مَسَدَّ المفعولين عند سيبويه، ومسد أحدهما والآخر محذوف عند الأخفش.
والوجه الثاني: يجوز أن يكون مسندًا إلى ضمير غائب يراد به النبي - صلى الله عليه وسلم -، والتقدير: ولا يحسبنَّ النبيُّ - عليه السلام -. فعلى هذا يكون "الذين كفروا" مفعولًا أول.
وأما قراءة حمزة التي ذكرها الجرجاني بالتاء "تحسبنَّ مع أنها قراءة مشهورة بين القراء فإن النحاس نقل عن أبي حاتم وغيره تلحين هذه القراءة لكنها عند التحقيق ثابتة. فعلى هذا يمكن تخريجها على وجهين:
الوجه الأول: أن يكون فاعل "تحسبن" ضمير النبي - صلى الله عليه وسلم - و"الذين كفروا" مفعول أول و"إنما نملي لهم خير" مفعول ثانٍ.
الوجه الثاني: أن يكون "إنما نملي لهم" بدل من "الذين كفروا"، وإلى هذا ذهب الكسائي والفراء والزمخشري والزجاج وغيرهم.
[معاني القرآن (١/ ٢٤٨)؛ الكشاف (١/ ٤٨٢)؛ الإملاء (١/ ١٥٩)؛ الدر المصون (٣/ ٤٩٦)].
(٣) وهو مذهب سيبويه كما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>