للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني لفظًا إذا قرأت بالتاء (١)، كقولك: لا تظنن زيدًا أنه منطلق، وفي الحقيقة هو المفعول الثاني هو المفعول حقيقة فقط؛ لأنك تنهى عن ظن الانطلاق لا عن زيد نفسه، و (الإملاء): الإمهال.

{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ} نزلت في الفرق بين المخلصين والمنافقين؛ عن ابن جريج ومجاهد وابن إسحاق، وذلك أن القوم تمنوا أن يعطوا علامة يعرفون بها أحد الفريقين من الآخر (٢) ومعناه: ما الله بتارك للمؤمنين، اللام لام الجحد، وإنما تنصب لأنها في الحقيقة لام كي (٣) الذي أنتم عليه من حال الالتباس والاختلاط {حَتَّى} غاية لمحالِ الالتباس كقولك (٤): لست أدعك على ما أنت عليه حتى (٥) أعزك وأكرمك، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} أي: لا يعطيكم ما تمنيتم من العلامة، ولكن الله يلهم ويعطي العلامة من اجتباه من رسله كقوله: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ} [الجن: ٢٦] الآية، و (الاجتباء): الاختيار أصله من اجتبيت الماء إذا حصلته لنفسك.

{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} نزلت في اليهود بخلوا بإظهار نعت النبي - عليه السلام - عن ابن عباس (٦)، وقيل: مانعي الزكاة (٧)، وقيل: في الذين امتنعوا


(١) ولا بد على هذا التخريج من حذف مضاف، إما من الأول، والتقدير: ولا تحسبنَّ شأنَ الذين كفروا، وإما من الثاني، والتقدير: أصحابَ أنَّ إملاءنا خير لهم.
(٢) أخرجه الطبري عنهم في تفسيره (٦/ ٢٦٣). رواه الثعلبي كما ذكره الحافظ في العجاب (٢/ ٧٩٩) والواحدي ص ١٢٧ عن أبي العالية.
(٣) أي اللام في قوله "ليذر" هي لام الجحود، وهي التي ينصب بعدها المضارع بإضمار "أن" وجوبًا ولا يجوز إظهارها. وأما قول الجرجاني أنها هي لام كي فهو بعيد - والله أعلم - لأن لام الجحود يشترط أن تسبق يكون منفي عكس لام كي.
(٤) في "ب": (كقوله).
(٥) في "ب": (على).
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٥٧٥)؛ والطبري (٦/ ٢٧٠) عن ابن عباس، ونقله الثعلبي كما في العجاب (٢/ ٨٠٤)؛ والواحدي ص ١٢٧ - ١٢٨.
(٧) قال الواحدي ص ١٢٧ - ١٢٨: أجمع جمهور المفسرين على أنها نزلت في مانعي الزكاة، وقد روي ذلك عن السدي. أخرجه الطبري (٦/ ٢٦٩)؛ وابن أبي حاتم (٤٥٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>