للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فردي خاص، إلى عَمَلٍ جماعي شامل.

٦ - كذلك وجَّه عمر بن عبد العزيز أمره هذا إلى الإمام الحافظ محمد بن شهاب الزهري، أحد كبار أئمة الحديث في زمانه (ت: ١٢٤ هـ)، فأمره بجمْع السُّنَّة وتدْوِينها.

فقد روى سعيد بن زياد، عن ابن شهاب الزهري، أنه قال: "أَمَرَنا عمر بن عبد العزيز بجمع السُّنَن، فكتبناها دفتراً دفتراً. فَبَعَثَ إلى كلّ أرض له عليها سلطان دفتراً" (١).

وهذا النص يدلّ على أن عمر بن عبد العزيز لم يكتف بالأمر بجمع السُّنَّة فحسب، بل إنه نسخ مما جمع نسخاً عدّة، وأرسل بها إلى البلدان.

٧ - ولعلّ من أهمّ الأسباب التي حملتْ عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى على جمْع السُّنَّة النبوية:

(أ) موتُ كثير من علماء الصحابة وكبار التابعين ، فخيف بموتهم ضياع السُّنَّة وذهابها، وهو ما عبَّر عنه عمر بن عبد العزيز بقوله: "فإني خفتُ دروس العِلْم، وذهاب العلماء".

(ب) ضعْف مَلَكَة الحِفْظ والذاكرة، مع انتشار الكتابة بين الناس، واعتمادهم عليها.

(ج) ظهور بعض البدع والكذب في الأحاديث، مما دَفَعَ العلماء إلى العناية بتدوين السُّنَّة، حتى لا يدخل فيها ما ليس منها.

٨ - وقد صرَّح العلماء بأسبقية عمر بن عبد العزيز في تدوين السُنَّة النبوية،


(١) "جامع بيان العلم وفضله" ١/ ٣٣١،

<<  <   >  >>