للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كقول الإمام السيوطي : "وأما ابتداء تدوين الحديث، فإنه وقع على رأس المائة في خلافة عمر بن عبد العزيز بأمره" (١).

وبنحوه قال الحافظ ابن حجر ، فإنه بعد إيراده أَمْرَ عمر بن عبد العزيز بجمْع السُّنَّة، قال: "يستفاد منه ابتداء تدوين الحديث النبوي، وكانوا قبل ذلك يعتمدون على الحفظ، فلما خاف عمر بن عبد العزيز وكان على رأس المائة الأولى من ذهاب العلم بموت العلماء، رأى أن في تدوينه ضبطاً له وإبقاء" (٢).

وقد دلَّت الرواياتُ على أن عمر بن عبد العزيز ، لم يكتفِ بأمر من أمرهم بجمع السُنَّة، بل لقد أرسل إلى أمرائه في الآفاق، يحثّهم على تشجيع العلماء على دراسة السُّنَّة وإحيائها، وجَعَلَ لأهل العلم نصيباً في بيت المال، يسدُّ حاجاتهم، كي يتفرغوا لنشر العلم والانقطاع له. وكان يشارك العلماء في مناقشة بعض ما جمعوه من السُنَّة، ويتباحث معهم فيها (٣).

وكما قدَّمنا فإن التدوين الذي كان في زمن عمر بن عبد العزيز، إنما هو التدوين الرسمي العام للسُنَّة النبوية، أما تقييد السُّنَّة وكتابتها في الصُّحُف والكراريس والرّقاع، فقد مارسه الصحابة في عهد رسول الله ، ولم ينقطع بعد وفاته . بل بقي جنباً إلى جنب مع الحفظ في الصدور، حتى قَيَّضَ الله تعالى للحديث من يودعه في المدوَّنات الكبرى (٤).

* * * *


(١) "تدريب الراوي" ١/ ٩٤.
(٢) "فتح الباري» ١/ ١٩٤.
(٣) ينظر "أصول الحديث" لمحمد عجاج الخطيب ص ١٧٨.
(٤) "السُّنَّة قبل التدوين" ص ٣٣٢.

<<  <   >  >>