للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: ما هى درجة الإمام السيوطى فى التدقيق والتحقيق:

١٥ - يقول العلاّمة الألبانى فى مقدمة صحيح الجامع ١/٢٥: (السيوطى نفسه معروف بتساهله فى التصحيح والتحسين من جهة، وبانه ليس من أهل النقد والدقة من جهة أخرى) .

- ثمّ ساق الشيخ الألبانى أمثلة للأحاديث التى رمز لها السيوطى بالصحة أو بالحسن فقال الألبانى وهى فى نقد المناوى وغيره من الأئمة النقاد ضعيفة أكثر من أن تحصر وأمّا الأحاديث التى سكت عليها وهى ضعيفة فحدث عن البحر ولا حرج، بل إنّ بعضها قد ضعّفها مخرجها الذى عزاه السيوطى إليه ولم يحك هو كلامه أصلاً.

ثمّ قال الشيخ الألبانى: لا بد أن نذكر حقيقة أخرى تؤكد ما سبق بيانه من تساهل السيوطى وقلة تحقيقه وهى تتجلى فى قوله فى أول كتابه (الجامع الصغير) : "وصنته عما تفرد به وضّاع أو كذاب " فقد تبين للمحققين النقّاد انه لم يصنه عمّا زعم! انتهى كلام الشيخ الألبانى ملخصاً.

ثالثاً:

١٦ - ما هى رسالة الكشف التى أعتمد عليها المؤلف والتى بنى عليها حساباته:

هذه الرسالة وأرقام الصفحات التى يحيل عليها المؤلف ليست رسالة مطبوعة طبعة مستقلة، وقد كنت أظنّ عندما أقرأ قول المؤلف: قال السيوطى فى ص ٢٠٦- أن هذه الرسالة كبيرة الحجم، ولكن اكتشفت انها تتكون من ٤ ورقات فقط، أمّا الأرقام التى يحيل عليها المؤلف فبسبب أن الرسالة مطبوعة ملحقة بمعجم الطبرانى الصغير ط.العلمية، وبعد انتهاء ج ٢ من المعجم أورد الناشر عدة رسائل منها رسالة الكشف. كما أن هذه الرسالة مطبوعة أيضاً ضمن كتاب الحاوى للسيوطى ج ٢ رحمه الله تعالى.

وهذه الرسالة أوردها الشيخ ابن أبى علفة فى كتابه (معجم البدع) ط. دار العاصمة، محذراّ منها ضمن الكتب التى احتوت على البدع، فقال فى ص ٥٧٩: (حدد فيه عمر الدنيا وانها كم سنة ستكون وشحنها بالأحاديث الباطلة والإسرائيليات) . اهـ.

-كما أوردها الشيخ / مشهور حسن آل سلمان فى كتابه (كتب حذّر منها العلماء) - والذى قدم له فضيلة الشيخ العلاّمة / بكر عبد الله أبو زيد - ط. دار الصميعى فقال فى ص ١٤٠ ج ١: ذكر فيها عدداً من الأحاديث - ولم يصحّ منها شئ - والآثار - وأغلبها من الإسرائيليات - التى فيها تحديد عمر الدنيا وانها كم سنة تكون، قال: "الذى دلّت عليه الآثار أنّ مدة هذه الأمّة تزيد على ألف سنة، ولا تبلغ الزيادة عليها خمسمائة سنة ". وأقام رسالته هذه فى هذا الأمر الخطير على آثار بواطيل، قائمة على تواريخ وحسابات، جمعها الصنعانى (١) - كما فى كتاب "الإذاعة" (٢) ص ١٨٤ - فبلغت معه مئتى سنة وثلاثاً وستين سنة،ثمّ قال الصنعانى: ونحن الآن فى القرن الثانى عشر، ويضاف إليه مئتان وثلاث وستون سنة؛فيكون الجميع أربعة عشرة مئة وثلاثة وستين ثم قال متعقباً السيوطى: " وعلى قوله: انه لا يبلغ خمسمائة سنة بعد الألف يكون منتهى بقاء الأمّة بعد الألف أربع مئة سنة وثلاثاً وستين سنة، ويتخرج منه أن خروج الدجال - أعاذنا الله من فتنه - قبل انخرام هذه المئة التى نحن فيها، وهى المئة الثانية عشرة من الهجرة النبوية ".

وعقّب على قول الصنعاني السابق - الشيخ القنوّجى؛ فقال:

" وقد مضى إلى الآن على الألف نحو من ثلاث مئة سنة، ولم يظهر المهدى! ولم ينزل عيسى! ولم يخرج الدجال،؛ فدلّ على أن هذا الحساب ليس بصحيح ".

ونقل أيضاً فى "الإذاعة" ص ١٨٧ عن الشيخ مرعى الكرمي في " بهجة الناظرين " متعقباً السيوطى بقوله:

" وهذا مردود؛ لأنّ كل من يتكلم بشئ من ذلك؛ فهو ظنّ وحسبان، لا يقوم على برهان " وقد اعتنى السيد / محمد رشيد رضا فى تفسير المنار (٣) ٩ / ٤٧٠ - ٨٢ بنقد كتاب السيوطى هذا؛ فارجع إليه. انتهى كلام الشيخ مشهور.

وإني أسأل المؤلف (أمين) لماذا تنقل بعض كلام الصنعانى والقنوجى وتنقل من رسالة الإذاعة كما أثبت ذلك فى ثبت مراجعك ثم تترك باقى كلامهما مع أن ما تركته يهدم ما نقلته، وليس ذلك فى كلامهما فقط، وإنما فى كلام غيرهما أيضاً، حتى فى كلام الإمام السيوطى نفسه، فقد قال رحمه الله فى ذات الرسالة (الكشف) :

أقل ما يجوز أن يكون خروجه - يقصد الدجال - على رأس الألف إن لم يتأخر إلى مائة بعدها

وإننا إذا لخصنا كلام السيوطى نجد انه يرى الآتى:


(١) هو العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعانى، وقد جمع ذلك فى كتاب (رسالة شريفة) .
(٢) كتاب (الإذاعة لما كان وما يكون بين يدى الساعة) ، وهو للعلامة أبى الطيب محمد صديق خان بن حسن البخارى القنوجى. وسيكون لنا وقفات مع هذا الكتاب والذى قبله فى بحثنا هذا لأنهما من أحسن ما كتب فى الرد على ما قاله السيوطى.
(٣) *) يقول فيه شيخنا أبو عبد الحمن مقبل بن هادى الوادعى: وهو بالظلام أشبه. اهـ. وهذا لكثرة ما فيه من موافقته للمعتزلة وأدعياء العقلانية هداهم الله. (أبو حاتم)

<<  <   >  >>