للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيَرْفَعُهُ (١)، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ (٢)، حِجَابُهُ النُّورُ - وَفِي رِوَايَةٍ: النَّارُ- (٣) لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ (٤) مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ» (٥). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

١٥ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟» (٦). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.


(١) القسط: الميزان، وسُمِّي قسطًا؛ لأن القسط: العدل، وبالميزان يقع العدل. والمراد: أن الله تعالى يخفض الميزان ويرفعه بما يوزن من أعمال العباد المرتفعة ويوزن من أرزاقهم النازلة. وأهل السنة والجماعة يؤمنون بأن الميزان شيء حقيقي حسي، له كفتان ولسان، وأنه يوزن به الأعمال والصحائف والأشخاص، وأنه بيد الرحمن يرفع ويخفض، كما صحت بذلك الأخبار.
(٢) أي: يُرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار الذي بعده، وعمل النهار قبل عمل الليل الذي بعده. ورَفْعُ الأعمال إلى الله عز وجل من أدلة عُلُوِّه على خلقه.
(٣) قال الإمام ابن أبي زمنين في «أصول السنة» (ص: ١٠٦): «ومن قول أهل السنة: إن الله عز وجل بائن من خلقه، محتجب عنهم بالحُجُب، فتعالى الله عما يقول الظالمون، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبًا».
(٤) سُبُحات وجهه: جلاله ونوره. ويثبت أهل السنة الوجه لله على ما يليق بذاته، وكذلك يثبتون كل ما ثبت لله تعالى من صفات، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
(٥) قال الإمام ابن خزيمة في «التوحيد» (١/ ٥١): «إن لوجه ربنا عز وجل من النور والضياء والبهاء ما لو كشف حجابه لأحرقت سبحات وجهه كلَّ شيء أدركه بصرُهُ، محجوب عن أبصار أهل الدنيا، لا يراه بشر ما دام في الدنيا الفانية» اهـ.
(٦) قال الإمام أبو عثمان الصابوني في «عقيدة أصحاب الحديث» (ص: ١٩١): «ويثبت أصحاب الحديث نزول الرب سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، من غير تشبيه له بنزول المخلوقين، ولا تمثيل ولا تكييف، بل يثبتون ما أثبته رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وينتهون فيه إليه، ويُمِرُّون الخبر الصحيح الوارد بذكره على ظاهره، ويَكِلون علمه إلى الله. وكذلك يثبتون ما أنزل الله عز وجل في كتابه، من ذِكر المجيء والإتيان المذكورين في قوله عز وجل: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَا أَن يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالمَلآئِكَةُ} [البقرة: ٢١٠]، وقوله -عز اسمه-: {وَجَاء رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: ٢٢]» اهـ.

<<  <   >  >>