والذي نفاه النبي - صلى الله عليه وسلم - باء المقابلة، كما يقال: اشتريت هذا بهذا. أي: ليس العمل عوضًا وثمنًا كافيًا في دخول الجنة، بل لا بد من عفو الله وفضله ورحمته، فبعفوه يمحو السيئات، وبرحمته يأتي بالخيرات، وبفضله يضاعف البركات» اهـ. (٢) سددوا: الزموا السداد وهو الصواب من غير إفراط ولا تفريط. قاربوا: أي: إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل فاعملوا بما يقرب منه. اغدوا: استعينوا على مداومة العبادة بإيقاعها في الأوقات المنشطة، والغدوة: سير أول النهار، وهو ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس. والروحة: السير بعد الزوال إلى آخر النهار. والدلجة: سير آخر الليل، وقيل: سير الليل كله، ولهذا عبر فيه بالتبعيض، ولأن عمل الليل أشق من عمل النهار. وهذه الأوقات أطيب أوقات المسافر، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - خاطب مسافرًا إلى مقصد فنبهه على أوقات نشاطه؛ لأن المسافر إذا سافر الليل والنهار جميعًا عجز وانقطع، وإذا تحرى السير في هذه الأوقات المنشطة أمكنته المداومة من غير مشقة. وحسن هذه الاستعارة أن الدنيا في الحقيقة دار نقلة إلى الآخرة، وأن هذه الأوقات بخصوصها أروح ما يكون فيها البدن للعبادة. وقوله: «القصد القصد» بالنصب فيهما على الإغراء، والمعنى: اقتصدوا في العبادة، ولا تتحملوا منها ما لا تطيقونه. (٣) هذه الجملة تجمع الدين كله؛ فإن ما نهى الله عنه راجع إلى الظلم، وما أمر به راجع إلى العدل، وأعظم العدل توحيد الله، وأعظم الظلم الشرك بالله. (٤) أي: اطلبوا الهداية مني.