للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

السُّؤَالِ (١)، وَإِضَاعَةَ المَالِ (٢)». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

٩٩ - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» (٣). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.


(١) هو الإكثار من السؤال عما لم يقع، ولا تدعو إليه حاجة، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن ذلك، وكان السلف يكرهون ذلك ويرونه من التكلُّف المنهي عنه. وقيل: المراد به سؤال الناس أموالهم وما في أيديهم، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن ذلك أيضًا.
(٢) هو صرفه في غير وجوهه الشرعية وتعريضه للتلف.
(٣) قال الإمام النووي «شرح مسلم» (٢/ ٢٤): «اعلم أن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد ضُيِّع أكثره من أزمان متطاولة، ولم يبق منه في هذه الأزمان إلا رسوم قليلة جدًّا وهو باب عظيم به قوام الأمر وملاكه، واذا كثُر الخبث عم العقابُ الصالحَ والطالحَ، وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يَعُمَّهم الله تعالى بعقابه، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم.
فينبغي لطالب الآخرة والساعي في تحصيل رضا الله عز وجل أن يعتني بهذا الباب؛ فإن نفعه عظيم، لا سيما وقد ذهب معظمه، ويُخلص نيته، ولا يهابن مَن ينكر عليه لارتفاع مرتبته؛ فإن الله تعالى قال: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُه} [الحج: ٤٠] وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم} [آل عمران: ١٠١] وقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: ٦٩] وقال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِي} [العنكبوت: ٦٩] واعلم أن الأجر على قدر النصَب.
ولا يتاركه أيضًا لصداقته ومودته ومداهنته وطلب الوجاهة عنده ودوام المنزلة لديه؛ فإن صداقته ومودته توجب له حرمة وحقًّا، ومن حقه أن ينصحه ويهديه إلى مصالح آخرته وينقذه من مضارها، وصديق الإنسان ومحبه هو من سعى في عمارة آخرته وإن أدى ذلك إلى نقص في دنياه، وعدوه من يسعى في ذهاب أو نقص آخرته وإن حصَّل بسبب ذلك صورة نفع في دنياه، وإنما كان إبليس عدوًّا لنا لهذا وكانت الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- أولياء للمؤمنين؛ لسعيهم في مصالح آخرتهم وهدايتهم إليها. ونسأل الله الكريم توفيقنا وأحبابنا وسائر المسلمين لمرضاته وأن يَعُمَّنا بجوده ورحمته. والله أعلم» اهـ.

<<  <   >  >>