وسط الاستواء قبة الأرض التي تحت قبة الفلك يريد رأس كرة الأرض ويقطع دائرة أفق القبة على نصف السماء علواً ونصفها سفلاً، وينقسم الأرض على تلك الهيئة بقسمين: ظاهر وباطن، فصارت أربعة أقسام: شمالي متعال، وشمالي متسافل، وجنوبي متعال، وجنوبي متسافل، والقسمة دائرة الأفق في هذه المواضع، وفيما كان على خطه بنصفين متساويين صارت فيه الأيام مثل الليالي سواء سواء، والساعات اثنتي عشرة من الليل والنهار أبداً، والظل في رأس الحمل والميزان معدوم، فإذا مالت الشمس في الشمال إلى رأس السرطان سقطت أظلالها إلى الشمال، ويكون منتهى الظل الصيفي والشتوي بها خمس أصابع وثلث إصبع، وتسامتهم الكواكب المحيرة إذا كانت في نقطة الربيع ونقطة الخريف، ومن الكواكب الثابتة ما كان مداره على مار النهار يريد خط الاستواء ويرون الكواكب كلها طالعة وغاربة إذ كان قطب الكرة على دائرة أفقهم بعينها وقمن أن تكون هذه المواضع من الأرض في الغاية من اعتدال المزاج، وذلك أن الشمس لا يطول لبثها عليهم في النقط التي على الرؤوس، لسرعة حركتها من نقطتي الاعتدالين في الميل، لأنها في المبدأ من قوس الميل، فتأخذ في الطول درجة وفي العرض ميل عامتها، ولا تبعد عنهم أكثر من درج الميل، وهي أربعة وعشرون جزءاً غير سدس، فيكون الصيف والشتاء هناك معتدل المزاج. قال: وأما المساكن في هذه البلاد على هذا الخط فلست أقدر أن أقول في ذلك ما لا أحيط بعلمه، لأنه لم يصر إليها إلى هذه الغاية أحد ممن عندنا، وما يقال فيها فهو إلى أن يجري مجرى الحدس أقرب منه إلى أن يجري مجرى الخبر عن المشاهدة، فهذه هي خواص خط الاستواء والدائرة العظمى التي هي تحت معدل النهار على جملة القول، وما مال عن هذه الدائرة جنوباً وشمالاً تخالف عليه القطبان فظهر واحد وخفي واحد، وبدت بذلك كواكب تكون أبديّة الظهور، وخفي كواكب أبدية الخفاء مما تقارب القطبين، ويقسم دوائر الأفق الدوائر المسامتة لهذين الشقين بقسمين مختلفين: من أعلى وأسفل، فيكون الأعلى أعظم وأطول نهاراً، والأسفل أشف وأقصر ليلاً في المسامتة فقط، فأما على الشق الثاني من كل شق فعلى العكس، وهو أن دوائر أرض الشمال المسامتة تنقطع بآفاقها ظاهراً على أكبر القسمين لمسامتتهم الدوائر المسامتة لأهل الجنوب ظاهراً على أصغر القسمين فيقصر عنهم النهار إذا كانت الشمس في دوائر الجنوب وكذلك فعل في الجنوب إذا حوّلت بميلها إلى الشمال، وحيثما ظهر أحد القطبين فلا بد أن يكون عليه كواكب أبدية الظهور وحيث ما خفي فلا بد أن يكون عليه كواكب أبدية الخفاء انقضت الدائرة الأولى.
قال: وأما الدائرة الموازية الثانية: فهي التي تبلغ غاية النهار بها اثنتي عشرة ساعة وربعاً من ساعات الاعتدال يريد المستوية وبعد الدائرة من دائرة معدل النهار أربعة أجزاء وربع جزء، وترسم مارة بالجزيرة المسماة: طبروباني وهذه الدائرة من الدوائر التي يقع الظل فيها إلى الجهتين إذا كانت الشمس تصير أيضاً عند كل من تحتها على سمت الرؤوس مرتين، وكذلك سبيل ما كان تحت سهمي الميل من رأس السرطان ورأس الجدي إلى الوتر المسامت خط الاستواء ويكون ظل رأس الحمل في هذه الدائرة ثلاثاً وخمسين دقيقة وخمس عشرة ثانية من إصبع، ويقع المقاييس تحتها، ويسقط الظل إذا كانت الشمس ما بين عشرة أجزاء ونصف من الحمل إلى تسعة عشر جزءاً ونصف وأربعا وعشرين ثانية، وذلك في مئة درجة وتسع وخمسين درجة، وهو ما بين الموضعين اللذين حددناهما في الحمل والسنبلة، ويكون أطول ظلها في الشتاء ست أصابع وأربعاً وعشرين دقيقة وستاً وثلاثين ثانية من إصبع، وذلك من تسعة عشر جزءاً ونصف من أجزاء السنبلة إلى عشرة أجزاء ونصف من أول الحمل، فذلك مئتا درجة ودرجة، ولا ظل لها أوقات توسط الشمس السماء على هذا الخط.