بيته الجوزاء على الوسط من العمران، وسامت هذا البيت ما بين مكة والمدينة، فأظهر في هذا الموضع المنطق العجيب وجاء بالحكمة وفتح أبواب العلم من الذكاء والدهاء وخفة الأرواح والحركات، ورقة حواشي الألسن وتوقد القلوب في أشياء يتصل ذكرها بذكر ما دخل من الأرباع في الوسط، فاشتركت فيه طبائع المثلثات وكل ما ولي الكوكبان في المثلث على حيزهما أظهرا فضل الدلالة وإن وليا من المثلثات على غير حيزهما قلب ذلك الفضل، فيكون نقصاناً وفساداً ... لزحل والمشتري اللذين هما للمشرق والشمال، فإذا وليا فيما بين المغرب والجنوب كانت دلالتهما فاسدة، وكذلك إذا دبرا قوماً في مغرب الأرض أو دبر المريخ والزهر والقمر بلداّ في المشرق أتت بالدلالة الفاسدة فأعلم.
تم الكتاب الأول من صفة البلاد ومشاركتها والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله أجمعين.
[معرفة أطوال مدن العرب المشهورة وعروضها]
طول عدن من المشرق مئة وسبع عشرة درجة، وطلوع الشمس عليها بعد طلوعها على القبة بساعة وأربعة أخماس ساعة وارتفاع القطب الشمالي وانخفاض القطب الجنوبي عليها وهو العرض اثنتا عشرة درجة بالتقريب. طول الجند أزيد من طول عدن بنصف درجة، وعرضها ثلاث عشرة درجة. ظفار وصنعاء في الطول شيء واحد، وطول كل واحدة منهما من المشرق مئة وثماني عشرة درجة تطلع عليهما الشمس بعد طلوعها على القبة بساعة ونصف وخمس وسدس من ساعة، وعرض صنعاء على ما وجده أهلها أربع عشرة درجة ونصف، وعرض ظفار ثلاث عشرة درجة ونصف، وعرض مأرب أربع عشرة درجة وثلثا درجة، وطولها من المشرق مئة وسبع عشرة درجة تطلع الشمس