دمشق طولها مئة وأربع وعشرون درجة والعرض ثلاث وثلاثون درجة.
[صفة معمور الأرض وهو كتاب صفة جزيرة العرب]
قال أبو محمد: أما ذكر طبائع سكان جزيرة العرب فقد دخل في ذكر طبائع الكل، وبقي ذكر مساكن هذه الجزيرة ومسالكها ومياهها وجبالها ومراعيها وأوديتها ونسبة كل موضع منها إلى سكانه ومالكه على حد الاختصار وعلى كم تجزأ هذه الجزيرة من جزء بلدي، وفرق عملي، وصقع سلطانيّ، وجانب فلوي، وحيِّز بدوي، ليكون من نظر في هذا الكتاب كأنه مكان ذي القرنين مساح الأرض، وتميم الداري جواب عامرها، وخرِّيت سامرها ومشارف أقصاها وأدناها ليعرف وسيع أرض ربه وكثرة خلقه، وسعة رزقه لا إله إلا الله العزيز الحكيم.
باب ما جاء عن ابن عباس
رحمه الله تعالى في ذكر جزيرة العرب
أما حديث عبد الله بن عباس في جزيرة العرب فإنه ما نقل لنا عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس من وجه وعن معاوية بن عميرة بن مخوس الكندي أنه سمع عبد الله بن عباس بن عبد المطلب وسأله رجل عن ولد نزار ابن معد قال: هم أربعة مضر وربيعة وإياد وانمار، فكثر أولاد معد بن عدنان ابن أدد ونموا وتلاحقوا ومنازلهم مكة وما والاها من تهامة وانتشروا فيما يليهم من البلاد وتنافسوا في المنازل والمحال، وأرض العرب يومئذ خاوية وليس فيها بتهامتها ونجدها وحجازها وعروضها كثير أحد لإخراب بخت نصرّ آيها وإجلاء أهلها إلا من كان اعتصم منهم برؤوس الجبال وشعابها ولحق بالمواضع التي لا يقدر عليه فيها أحد منتكبا لمسالك جنوده ومستنّ خيوله فارّا إليها منهم، فاقتسموا الغور غور تهامة بينهم على سبعة أقسام لكل قسم ما يليه من ظواهر الحجاز ونجد وتهائم اليمن لمنازلهم ومجالهم ومسارح إنعامهم ومواشيهم، وبلاد العرب كلها يومئذ