على خمسة أقسام في جزيرة مطيفة - أي مديرة، وطوف الجبل دوره ومنه الطواف حول الكعبة وطوائف من الناس فرق من أطراف الناس، ويروي مطيقة من الطوق وهو ما دار بالعنق من هجار فضة وغيره - وهي جزيرة العرب التي صارت في قسم من انطق الله تبارك وتعالى باللسان العربي حين تبلبلت الألسن ببابل في زمان نمرود بن كوش بن كنعان بن حام بن نوح يوم قسم فالح بن عابر بن شالخ بن إرفخشد بن سام بن نوح الأرض بين أولاد نوح عليه السلام سام وحام ويافث.
وإنما سميت بلاد العرب الجزيرة لإحاطة البحار والأنهار بها من أقطارها وأطرارها، وصاروا منها في مثل الجزيرة من جزائر البحر، وذلك أن الفرات القافل الراجع من بلاد الروم يظهر بناحية قنَّسرين ثم انحطَّ على الجزيرة وسواد العراق حتى دفع في البحر من ناحية البصرة والأبلة وامتد إلى عبَّادان وأخذ البحر من ذلك الموضع مغرِّبا ببلاد العرب منعطفاً عليها فأتى منها على سفوان وكاظمة ونفذ إلى القطيف وهجر وأسياف البحرين وقطر وعُمان والشِّحر ومال منه عنق إلى حضرموت وناحية أبين وعدن ودهلك، واستطال ذلك العنق فطعن في تهائم اليمن بلاد فرسان وحكم والأشعريين وعكٍّ ومضى إلى جدة ساحل مكة والجار ساحل المدينة وساحل الطور وخليج أيلة وساحل راية - كورة من كور مصر البحرية - حتى بلغ قلزم مصر وخالط بلادها وأقبل النيل من غربي هذا العنق من أعلى بلاد السودان مستطيلاً معارضاً للبحر معه حتى دفع في بحر مصر والشام - ثم اقبل ذلك البحر من مصر حتى بلغ بلاد فلسطين فمر بعسقلان وسواحلها وأتى على صور ساحل الأردنّ وعلى بيروت وذواتها من سواحل دمشق، ثم نفذ إلى سواحل حمص وسواحل قنَّسرين، حتى خالط الناحية التي أقبل منها الفرات منحطاً على أطراف قنَّسرين والجزيرة إلى سواد العراق. فصارت بلاد العرب من هذه الجزيرة التي نزلوا بها، وتدالدوا فيها على خمسة أقسام عند العرب، وفي أشعارها: تهامة، والحجاز، ونجد، والعروض،