ألا إن اوساً قاتل الجوع قد مضى ... وورَّث عزّاً لا تنال أطاوله
ثم منكت مدينة السُّخطييِّن وهم بقية بيت المملكة من آل الصَّوَّار ولهم كرم وشرف متعال وهم قليل. ثم ذمار وساكنها من حمير وفيها نفر من الأبناء، والذِّماري المحدَّث منها، ولم يزل بها وبالجند وجيشان علماء، وفقهاء مثل أبي قرَّة صاحب المسند، وعبد الرحمان بن عبد الله قاريء المساند. ثم رداع وهي مدينة يسكنها خلط من حمير من الأسوديِّين ومن خولان وللجارب وعنس ويكتنفها في باديتها الربيعيون والزياديون وبلحارث وبنو حبيش من زبيد، ومن أهلها أحمد بن عيسى الخولاني صاحب ارجوزة الحج، وقد أثبتناها في آخر الكتاب وابن أبي منى الشاعر فارسي من الأبناء، ورداع بين نجد حمير الذي عليه مصانع رعين وبين نجد مذحج الذي عليه ردمان وقرن وفي جنوبيها مدينة حصي وبترى والخنق من أرض السَّرو.
[ثم مدينة صنعاء]
وهي أم اليمن وقطبها لأنها في الوسط منها ما بينها وبين عدن كما بينها وبين حد اليمن من أرض نجد والحجاز، وكان اسمها في الجاهلية أزال ويسميها أهل الشام القصبة، وتقول العرب: لابد من صنعا، ولو طال السفر وينسب إلى صنعاء صنعاني مثل بهراء بهراني لأنهم رأوا النون أخف من الواو وخولان لا تنسب إليها إلا على بنية الأصل صنعاوي، وكلهم يقولون في ساكن الكدراء كدراوي ولا يقولون كدراني، وصنعاء أقدم مدن الأرض لأن سام بن نوح الذي أسَّها. وقد جمعت أخبارها في القديم في كتاب الإكليل وأضربنا عن ذكر قديمها في هذا الموضع صفحا، ولم يزل بها عالم وفقيه وحكيم وزاهد، ومن يحب الله عز وجل المحبة المفرطة، ويخشاه الخشية اليقظى على نحو ما ذكره بطليموس في طبائع أهل هذا الصُّقع وهم مع ذلك أهل تمييز