صاحياً حتى يدحض الشمس من جزء وسط السماء والقمر منها بمنظر، وحينئذ يثور البخار من بطون الأودية حوله ومن بطون شعابه سحاباً أبيض كثيفاً وهو يظهر ويكثف ويرتفع في سرعة فلا يدور من الفلك جزءان أو ثلاثة حتى قد التبس ذلك البخار رأس الجبل من جميع جوانبه فيعتم به ونظرته عليك طلعاً يحول بينك وبين النظر إلى دابتك إذا كانت قدامك أو بينك وبين رفيقك إذا بدرك، فأن كنت في وقت نوء كان ذلك السَّحاب الذي أنت فيه ينهمل رذاذاً غزيراّ ثم ارتفع وتكاثف وقع فيه لامعةالبرق وتبعها صوت الرعد عجلا وريثاً على قدر بعد العقيقة من البرق، ومثال ذلك أنك إذا كنت في بعض السهول وكان منك على مدى البصر من يضرب بصاقور في حجر أو بفأس في شجر فنظرت إلى وقعة الفأس لم يتأد إليك صوتها إلا عند وقوع الضربة الثانية وصوت الضربة الثانية عند وقوع الضربة الثالثة وربما كان أبطأ على قدر البعد وكذلك البرق ربما التمع ثلاث لمعات متتابعات فلم يسمع رعدة الأولى إلا بعد تقضَّى اللمعة الثالثة، وربما تكاثف ذلك السحاب إذا ظهر من بطون الأودية دون الشعاب والتف وتضاغط على المنتصف من قعدة الجبل فوقع فيه لامعة البرق فبرقت تحتك ونظرت الأودية متشققة بالسحاب
وفوقه الشمس فإذا انقشع السحاب نظرت إلى ماء المطر يسيل في بطون الأودية وإذا أصبح على رأسه الصحو غب المطر وصفا الجونظرت من أي مرائيه شئت ومن أي أشرافه ركبت أرض تهامة من تحته من موسط بلد حكم إلى المهجم ومن سردد وتنظر سائلة مور كالشيبة البيضاء، بين خمل تهامة وزغبها وعرفانها ثم تنظر البحر طريدة باقوتيَّة فأما الحاد البصر فإنه ينظر من خلف البحر جزائر الفرسان، وأما ما ينظر منه من الجبال فعرّ خولان من شماليّة وأكمة خطارير، ورأس وتران عن مسيرة سبعة أيام وستة وخمسة وسحيب جبل بني عامر بحرض، ومن غربيه جبال الشرف وريشان جبل ملحان عن قرب كقرب هنوم منه من شماليه، ومن جنوبيه برع وشبام حراز ومسار وضلع جبلان وحرف أنس وضوران ورأس سحمَّر ويخار وينظر هو من هذه المواضيع ولولا أن قعدته في الأودية دون أن يكون على ظاهر منجد لكان يرى من أرض نجد، وأما من شرقيه فلا يرى بلد لأن جبال المصانع تعلوه مثل جبل ذخار ومدع وحضور بني أزاد وهي في أعلى خط السراة وهو في موسطها ولذلك اعتدل هواؤه لأنه ارتفع من حر تهامة وسمومها وتطامن من نجد اليمن وبرده ويبسه، فأما سعة رأسه الذي تحويه العرقة وتدور به الأبواب فإنه يكون لمن مسحه ميلا ونصفاً في مثله أو يزيد إلى ميلين إلا ثلث وإذا رآه الجاهل حكم على أنه ميلين وزيادة في مثلهما وتحف به من الأودية وادي لاعة وهو طمام وفرعاه عطوة ورأسها بياضة والعشَّة من رأس الجبل والتهام وهو من جبل ذخار والشوارق ومسور والحتر وتصب فيه أودية أخرى مثل اليعمل وضلع الجنات وغيرها ووادي عيَّان ووادي نمل ووادي قيلاب، وكل هذه الأودية غيول مخارجها من صفوحه عليها الأمواز والأقصاب أعني قصب الشيرين ويقال الشيري وهو قصب المضَّار وقصب السكر، وسمي قصب المضار لأنه يمضر بالفم أي يمضغ فيبلع ماؤه، وصفوحه مكتسية بالمزارع والعشاش التي تكون للبقر مراتع، ومن ولد في رأسه فقبيح غير صبيح وخاصة النساء، ومن ولد في صفحه فصبيح غير قبيح وطباع سكنه وأهله تخالف طباع من في صفوحه في العقل والنجدة والطول والتمام والفصاحة وانشراح الألسن، ونبت رأسه البرزغة والأثبة والصعتر ومن الزرع البر والعلس والشعير والجعرة واسم هذا الجبل وفيت وهو منسوب إلى تخلى بن عمرو الحميري من ولد شمر ذي الجناح بن العطاف وأخبار تخلى كثير. قه الشمس فإذا انقشع السحاب نظرت إلى ماء المطر يسيل في بطون الأودية وإذا أصبح على رأسه الصحو غب المطر وصفا الجونظرت من أي مرائيه شئت ومن أي أشرافه ركبت أرض تهامة من تحته من موسط بلد حكم إلى المهجم ومن سردد وتنظر سائلة مور كالشيبة البيضاء، بين خمل تهامة وزغبها وعرفانها ثم تنظر البحر طريدة باقوتيَّة فأما الحاد البصر فإنه ينظر من خلف البحر جزائر الفرسان، وأما ما ينظر منه من الجبال فعرّ خولان من شماليّة وأكمة خطارير، ورأس وتران عن مسيرة سبعة أيام وستة وخمسة وسحيب جبل بني عامر بحرض،