منه، والمغربي والكليبي والجنيبي لعلمت أن دهن اللوز معه وضر، ولذلك لا يعمل أهل اليمن حلاواهم إلا به، لأنه أطيب وأجود من الشيرق المقشر ومن دهن الجوز واللوز، ولطيبه يشربه الناس شرباً، ويكون له رائحة شهية تدعو النفس معها إلى شربه والاستكثار من التأدم به، وله لطف، فلا يكاد يجمد لرقته ولطفه وخفته، والسمن مما يبين به اليمن. وتجد ذلك كذلك في لطافة لحوم الضأن ولحوم البقر، فأما الجندي منها فربما بلغ الثور منها ثلاثين ديناراً مطوقاً فإنه أطيب من لحم الحمل الشهري في سائر البلاد لرقته، ولطفه، ودسمه، ولا يكون له رائحة، ولأهل صنعاء الرقاق الذي ليس هو في بلد رقة وسعة وبياضاً لمؤاتاة متانة البر. وإبرار اليمن العربي التليد، والنسول برّ العلس، وهو ألطفها خبزاً وأخفها خفة. والرغيف بصنعاء لا ينكسر، ولكنه ينعطف ويندرج طومارا وكسره السفار قطعاً، والخبز بها ضروب كثيرة، ولمضائرهم فضل لحال اللبن، واللبن الرائب بصنعاء، وبلد همدان ومشرق خولان وحزيز وجهران أثخن من الزبد في غير اليمن مع الغذاء واللذة والطيب، وزبدها بمنزلة الجبن الرطب في غيرها وأشد وتحمل القطعة، فلا يعلق بيدك منها كثير شيْ، ولهم مع ذلك ألوان الطعام والحلاوى والشربة التي تؤثر على غايات ألوان كتب الطابخ السمائد وألوان البقط والكشك السري وألوان الحلبة، ومعقدات الأترج والقرع والجزر وقديد الخوخ والرانج والليَّ، وغير ذلك مما إذا سمع به الجاهل ازدراه، وإذا شرع فيه قضم على طيبه بعض أنامله، وبه الشهد الحضوري الماذي الجامد الذي يقطع بالسكاكين، وقد ذكره امرؤ القيس بقوله:
كأن المسك والكافو ... ر بالراح اليماني
على أنيابها وهنا ... مع الشهد الحضوري
ويهدي إلى العراق ومكة وسائر البلدان في القصب، وصفة عمله أن يحر في الشمس ويصير في عقود قصب اليراع، وأقيمت تلك القصبة