وبالجملة فكلها ضعيفة، وألفاظ أكثرها ركيكة، وأحسنها حديث ابن عباس، بل هو حسن (١)، وقد روى الترمذي أيضاً والنسائي، وابن ماجه، وغيرهم من حديث حبشي بن جنادة مرفوعاً: علي مني، وأنا من علي، لا يؤدي عني إلا أنا أو علي، وليس في هذا كله ما يقدح في إجماع أهل السنة، من الصحابة والتابعين، فمن بعدهم على أن أفضل الصحابة بعد النبي ﷺ على الإطلاق، أبو بكر، ثم عمر ﵄، وقد قال ابن عمر ﵄: كنا نقول ورسول اللَّه ﷺ حي: أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، وعمر، وعثمان، فيسمع ذلك رسول اللَّه ﷺ فلا ينكره، بل ثبت عن علي نفسه أنه قال: خير الناس بعد رسول اللَّه ﷺ أبو بكر، ثم عمر، ثم رجل آخر، فقال له ابنه محمد بن الحنفية: ثم أنت يا أبت. فكان يقول: ما أبوك إلا رجل من المسلمين. ﵃، وعن سائر الصحابة أجمعين.
١٩٠ - حديث: أنا من اللَّه، والمؤمنون مني، قال شيخنا: إنه كذب مختلق، وقال بعض الحفاظ: لا يعرف هذا اللفظ مرفوعاً، لكن ثبت في الكتاب والسنة أن المؤمنين بعضهم من بعض، وفي السنة قوله ﷺ لحي الأشعريين: هم مني، وأنا منهم. وقوله لعلي: أنت مني، وأنا منك. وللحسين: هذا مني، وأنا منه. وكله صحيح. بل عند الديلمي بلا إسناد عن عبد اللَّه بن جراد مرفوعاً: أنا من اللَّه ﷿، والمؤمنون مني، فمن آذى مؤمناً فقد آذاني، الحديث.
١٩١ - حديث: أنا والأتقياء من أمتي بريئون من التكلف، قال النووي: ليس بثابت انتهى. وقد أخرجه الدارقطني في الأفراد من حديث الزبير بن العوام مرفوعاً: ألا إني بريء من التكلف وصالحو أمتي، وسنده ضعيف، وأورده الغزالي في الإحياء، بلفظ: أنا وأتقياء أمتي برآء من التكليف، وقال سلمان كما عند أحمد والطبراني في معجمه الكبير والأوسط، وأبو نُعيم في الحلية وغيرها لمن استضافه: لولا أنا نهينا عن التكلف لتكلفت لكم. وإلى هذا أشار شيخنا بقوله.
(١) بل صحيح جداً لعدة وجوه، بينها شقيقنا الحافظ أبو الفيض في "فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي" لم يؤلف مثله.