مخالطته، وعن الحميدي قال: قال الشافعي: خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفراسة، حتى كتبتها وجمعتها، ثم لما كان انصرافي مررت في طريقي برجل، وهو محتبي بفناء داره، أزرق العينين، ناتئ الجبهة، سناط (١) فقلت له: هل من منزل؟ قال: نعم، قال الشافعي: وهذا النعت أخبث ما يكون في الفراسة، فأنزلني، فرأيته أكرم رجل، بعث إليَّ بعشاء، وطيب، وعلف لدابتي، وفراش، ولحاف، قال: فجعلت أتقلب الليل، أجمع ما أصنع بهذه الكتب، فلما أصبحت قلت للغلام: أسرج فأسرج، فركبت ومررت عليه، وقلت له: إذا قدمت مكة، ومررت بذي طوى، فاسأل عن منزل محمد بن إدربس الشافعي، فقال: أمولى كنت أنا لأبيك؟ فقلت: لا، قال: فهل كانت لك عندي نعمة؟ فقلت: لا، قال: فأين ما تكلفت لك البارحة؟ قلت: وما هو؟ قال: اشتريت لك طعاماً بدرهمين وأدماً بكذا، وعطراً بثلاث دراهم، وعلفاً لدابتك بدرهمين، وكراء الفراش واللحاف درهمين، قال: فقلت يا غلام أعطه، فهل بقي من شيء؟ قال: نعم كراء المنزل، فإني وسعت عليك، وضيقت على نفسي بتلك الكتب، فقلت له بعد ذلك: هل بقي من شيء؟ قال: لا، قلت: امض، جزاك اللَّه، فما رأيت قط شراً منك.
٢٧٥ - حديث: إياك وما يعتذر منه، العسكري في الأمثال من طريق القعنبي، حدثنا محمد بن أبي حميد حدثني إسماعيل الأنصاري هو ابن محمد بن سعيد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده أن رجلاً قال: يا رسول اللَّه، أوصني وأوجز، فقال: عليك باليأس مما في أيدي الناس، فإنه الغنى، وإياك والطمع فإنه الفقر الحاضر، وصل صلاتك وأنت مودع، وإياك وما يعتذر منه، وأخرجه أبو نُعيم في المعرفة، والديلمي من حديث ابن أبي فديك عن حماد بن أبي حميد - وهو لقب محمد - به، وقال: إن رجلاً من الأنصار، ورواه الحاكم في الرقاق من صحيحه من حديث أبي عامر العقدي حدثنا محمد بن أبي حميد به مثله، بدون تعين كونه من الأنصار، وقال: إنه صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وهذا عجيب فابن أبي حميد مجمع على ضعفه، وهو عند البيهقي في الزهد، وسلف قبل بحديث من حديث ابن أبي حميد بسند آخر، وله شواهد منها عن أنس رواه الديلمي في مسنده من حديث أبي الشيخ حدثنا ابن أبي عاصم حدثنا أبي حدثنا شبيب بن بشر عن أنس، رفعه: اذكر الموت في صلاتك، فإن الرجل إذا ذكر الموت في صلاته لحري أن تحسن صلاته، وصل صلاة رجل
(١) بضم السين وبكسرها وتخفيف النون، هو الذي لا لحية له أصلاً أو لحيته خفيفة.