هذا الجمع، وأهم حاث لعزمي فيما تقر به العين ويلتذ به السمع، كثرة التنازع لنقل ما لا يعلم في ديوان، مما لا يسلم عن كذب وبهتان، ونسبتهم إياه إلى الرسول، مع عدم خبرتهم بالمنقول، جازمين بإيراده، عازمين على إعادته وترداده، غافلين عن تحريمه، إلا بعد ثبوته وتفهيمه، من حافظ متقن في تثبيته، بحيث كان ابن عم المصطفى علي بن أبي طالب، لا يقبل الحديث إلا ممن حلف (١) له من قريب أو مناسب، لأن الكذب عليه ﵌ ليس كالكذب على غيره من الخلق والأمم، حتى اتفق أهل البصيرة والبصائر، أنه من أكبر الكبائر، وصرح غير واحد من علماء الدين وأئمته، بعدم قبول توبته، بل بالغ الشيخ أبو محمد الجويني فكفره وحذر فتنته وضرره، إلى غيره من الأسباب، التي يطول في شأنها الانتخاب وسميته:
المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة
واللَّه أسأل أن يسلك بنا طريق الحق والاعتدال وأن لا يترك الأحمق المائق يتمادى بالضلال، فيما لم يحققه مع الفحول الأبطال، وأن يجعل هذا التأليف خالصاً لوجهه الكريم، موجباً لرضاه العميم، إنه قريب مجيب.
(١) روى أحمد وأصحاب السنن والبزار عن علي ﵇ قال: كنت إذا سمعت من رسول اللَّه ﵌ حديثاً نفعني اللَّه بما شاء منه، وإذا حدثني عنه غيره استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وأن أبا بكر حدثني - وصدق أبو بكر - أنه سمع رسول اللَّه ﵌ يقول "ما من رجل يذنب ذنباً فيتوضأ ويصلي ركعتين فيستغفر اللَّه ﷿ الا غفر له" حسنه الترمذي وصححه ابن حبان، وله طرق أوردها ابن كثير في مسند الصديق من كتاب جامع المسانيد.