للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المذاهب الضالة، تأثراً بأفكار صحيحة كثيرة عُرضت عليهم، حتى إذا سئموا من شدة المراقبة، وجاءتهم الغفلة، أمرَّ الشيطان الفكرة الباطلة بطريقة متسللة دون أن تثير ضجةً ولا انتباهاً، وهم عندئذ يقبلونها دون محاكمة ولا نظر.

يضاف إلى ذلك أن كثرة الصحيح تستدرج الأنفس إلى الثقة والطمأنينة، ومع الثقة والطمأنينة يكثر التسليم دون بحث ولا نظر، ودون إجهادٍ للذهن بفحص كلّ جُزَيئَة لتمييز الحق من الباطل.

القاعدة الرابعة: الحذر من المغالطات التي قد تشتمل عليها الأدلة المقدمة لإثبات المذهب الوافد، وتوجيه الانتباه من الدرجة القصوى لأصول المغالطات التي يصطنعها المضللون المغالطون للإقناع بمذاهبهم وآرائهم.

القاعدة الخامسة: اليقظة التامة لدى فحص الأفكار ومناقشتها، ويكون ذلك بتجزئة الأفكار إلى عناصرها، والبحث عن جذورها، وعدم قبولها جملة واحدة، أو رفضها جملة واحدة.

وكم من أخطاء علمية وقع فيها باحثون، بسبب عدم تفاصُل عناصر الأفكار في أذهانهم، وعدم تمايزها، فقد يعطي أحدهم بعضها حكم الآخر مع أن له حكماً غير حكمه، لمخالفته له في الحقيقة، أو في كثير من الصفات.

ومن هنا تأتي تعميمات فاسدات، يظهر زيفها متى تمايزت حقائق الأشياء في الذهن، وتفاصلت عن بعضها بهوياتها الخاصة التي لها أحكام خاصة.

فعلى الباحث أن يفصّل أي موضوع ذي عناصر إلى عناصره، ووحداته الجزئية، ثمّ يبحث في كل عنصر منها وفق أصول البحث العلمي، ثمّ يبني حكمه بالاستناد إلى ما انتهى إليه بحثه في ذلك العنصر، وهكذا حتى يستوفي كل العناصر، ولا تغرنه كثرة عناصر الصواب، فقد

<<  <   >  >>