إذا انطلق الناس وفق دوافعهم الذاتية، دون تقيد بمنهج الله، وتركوا نفوسهم على غرائزها تتحرك في الحياة، وتتصارع بينهم الرغبات والقوى، فإن نزعاتهم الفردية وأنانياتهم تكون هي السائدة على سلوكهم، وفي دوائر حرياتهم الفردية، وما يتوافر لهم ضمن مجتمعهم من إمكانيات، ينطلقون بهدف إشباع أطماعهم في جمع المال وحيازته، من أي سبيل، وبأية وسيلة، دون اكتراث بحقوق الآخرين، أو بحقوق المجتمع الذي يعيشون فيه.
وينجم عن رغبة كلٍّ منهم في الحصول على أكبر الحظوظ وأوفرها، أن تتصارع فيما بينهم القوى المادية والمعنوية، وأخطر القوى المعنوية قوى الذكاء والحيلة، في تسخير القوى والناس وفي المخادعة والمكر.
ثم ينتج عن هذا الصراع ما يلي:
أولاً: ففي البيئات البدائية الأولى، قد يتطور الصراع، حتى يستعبد الأقوى الضعفاء عن مقاومته، سواء أكان هذا الأقوى فرداً، أو أسرة، أو قبيلة، أو شعباً، أو عصابة.
ويظهر عندئذٍ نظام الاستعباد والرق، وقد تمتد ذيول هذا النظام، فتبقى بقاياه، ولو تقدمت المجتمعات الإنسانية تقدماً حضارياً ذا شأن، ويجد فيها من المفكرين والفلاسفة من يثني عليه ويراه ضرورياً.