في ظروف الاستبداد الدكتاتوري الذي كان سائداً في أوروبا قبل الثورة الفرنسية، وإبّان مصادرةِ حرّيّات الطبقات الضعيفة في المجتمع، وحريات الأفراد الذين لا يملكون انتزاع حقوقهم في معظم المجتمعات الغربية، انطلق دعاة الحرية ينادون بها مبدأً إنسانياً، وأخذت فئات كثيرة تروجها.
واستغلت المنظمات ذات المصالح الخاصة الرامية إلى تقويض النظم الإدارية، والمؤسسات الدينية، والنظم الاجتماعية ومؤسساتها، لتكون لها السيطرة الشاملة بعد ذلك. استغلت شعارَ الحرية، فوسعت دائرتها شيئاً فشيئاً، دون أن تشعر الجماهير بمكيدة التوسيع التعميمي المنافي لمنطق العقل، ولمبادئ الأخلاق، ولمصالح الناس أفراداً وجماعات، ولنظام الخلق وقوانين الوجود الجبرية فيما عدا الأعمال الإرادية للمخلوق، وغفل عن ذلك أيضاً كثير من أهل الفكر والعلم.
وصادمت الماسونية والمكر اليهودي فيها شعار الحرية، وجعلته أحد مبادئها، ثمّ قامت الثورة الفرنسية التي كان المكر اليهودي وراء تدبيرها والتخطيط لها، وتحريك القوى لاندلاعها، وتنظيم المنظمات لتفجيرها، والتربص لاستثمارها، واستغلالها، والانقضاض على غنائمها بعد قيامها ونجاحها، فجعلت هذه الثورة الحرية واحداً من شعارها المثلث:"الحرية - المساواة - الإخاء".